د. عيسى محمد العميري / إشراقات / «الفرعيات»... بين الوطنية والعصبية

1 يناير 1970 07:22 ص
تحدثنا في مناسبات انتخابية عدة عن خطورة الفرعيات التي تجرى لدى البعض من أبناء الوطن الواحد، والتي برأينا لا تصب في مصلحة هذا البلد، وقد تسهم في خدمة فئات معينة دون أن يستفيد من خدمتها الآخرين.

ولو نظرنا لتلك الفرعيات من وجهة نظر مبدئية فإنها تعتبر انتخابات داخل انتخابات الدولة، وتجرى بمعزل عنها، ما يمنحها صبغة العصبية والفزعة للقبيلة والعشيرة دون الوطن الواحد. وهذا بحد ذاته يشكل انتهاكاً صارخاً لسيادة الدولة، بل ويصل لدرجة انتهاك للدستور الضمانة الوحيدة التي تظلل وتحمي الممارسة الديموقراطية الصحيحة، والتي جبلت عليها جموع هذا الوطن منذ بداية الاستقلال واستمرت ونمت طوال عقود ماضية وشهد لنا بها الجميع، البعيد قبل القريب، وعلى وجه الخصوص بين محيطنا الإقليمي في الخليج العربي، ولطالما كنا الرائدين والسباقين ومضرب المثل، ويتحدث عن تجربتنا تلك إخواننا في دول الخليج.

فلا يجب أن نأتي عند هذه المرحلة ونقلب تلك الصورة الجميلة في الأذهان. وأيضاً نقول إن تلك الفرعيات تحمل في طياتها معاني كثيرة للمراقب والمتابع للشأن الانتخابي في وطننا الحبيب، وتعطي صورة غير حضارية، وتلك التصرفات التي لا أظن أنها تجرى في أماكن أخرى من العالم لماذا تمارس هنا؟ ونوجه دعوتنا لإخواننا في الوطن الواحد أن ندع الحكم باختيار المرشحين لانتخابات مجلس الأمة للشعب والناخبين عبر الفيصل في الأمر وهو الصندوق الانتخابي... وفي رأيي فإن الناخب الكويتي يتمتع بالقدرة الكافية والمستكفية للحكم على أولئك المرشحين وتمييز الغث من السمين، ومن يصلح لهذه المهمة الشاقة والسامية في الوقت نفسه، ومن لايصلح لذلك، ولا يوجد لدينا أدنى شك في قدرة الناخب الكويتي على الاضطلاع بهذا الواجب الوطني الذي يحتمه عليه ضميره وعقله وقلبه.

ودعونا إخواني لا نتدخل في عملية سير هذه الانتخابات ونعرقل عملها من خلال تلك التصرفات التي باعتقادي انها لا تصب في مصلحة الوطن أو المواطن إلاّ بدرجات ضئيلة جداً وغير شاملة لجميع أبناء هذا الوطن. وإجراء تلك الفرعيات من شأنه أن يعمل على هضم حقوق المرشحين بين بعضهم البعض، ويأخذ من هذا المرشح ويعطي ذلك المرشح، وهكذا، بالإضافة إلى أنها لا تعطي الصورة الكاملة عن المرشح المتقدم لتلك الانتخابات، وقد يتم منح الصوت لمن لا يستحقه في نهاية الأمر... وعلى أي حال، نسأل الله أن يكون في عون جميع الأطراف الانتخابية الناخبين والمرشحين ويوفقهم لخدمة الوطن والمواطن... والله من وراء القصد.





 د. عيسى محمد العميري

[email protected] Twitter : @dressaamiri