نحن نمر بمرحلة تاريخية حرجة من تاريخ دولة الكويت، بعدما انتشر الفساد وعاث بالأرض والعباد، لا بد لنا من وقفة دؤوبة وجادة تجاه ما حدث وما يحدث الآن، فأحسِن أيها المرشح استخدام الوسائل لتحقيق مآربك وأهدافك وطموحاتك وخصوصا الجانب الفكري، لاعتقادنا بأنه الجانب الذي يُمهّد ويُسهّل لك الطريق للوصول إلى ما تريده في الواقع من أفكار أو أفعال أو مشاعر.
إن ما نراه اليوم من رؤى وبرامج انتخابية متشابهة إلى حد بعيد من المرشحين، نكاد نجزم ونقول... ان للكويت ابنا واحدا هو من سينهض بها ويرجعها كما كانت درة الخليج، وقد تناسى المرشحون أن السياسة تقوم رؤاها على جميع أمور الحياة، كرؤية المرشح للحياة،والكون، والإنسان، والطبيعة، لأن هذه الرؤى هي من تُشكل خلفياتك الفكرية، وأصولك المنهجية، ومصادرك النظرية، والتي تؤطرك وتجبرك على ألا تتجاوزها، أو تخرج من بوتقتها، ومن هذا المنطلق سيتم اختيارك ممثلا للأمة، برغبة وإرادة كويتية.
فعليك أيها المرشح أن تسوّق لأفكارك المرتبطة بالثقافات والأصول الفكرية، والمصادر المنهجية، من خلال نظرتك للواقع، وعلى ضوء كلماتك ومفاهيمك التي تطلقها للناخبين سيتٌشكل الإطار الحقيقي لمعنى الحقائق التي مررنا بها والتي أصبحت جزءا من تاريخ الكويت وسُجلت في صفحاته.
تذكر أيها المرشح أن توعي الناخب بمفهوم التنمية بجميع جوانبها والتي أهمها التنمية البشرية، حسب ما تفرضه السياسة العالمية والممارسة السياسية، إن التنمية هي.. عملية تغيير اجتماعي متعدد الجوانب، غايته وهدفه الوصول إلى مستوى الدول المتقدمة والفائقة، للارتقاء بمستوى الفرد الكويتي في الجوانب الفكرية والعلمية والعملية، وباعتقادي لن يتم ذلك إلا بالسيطرة على أنماط سلوكية مناقضة لسلوكيات المجتمع الحديث، الذي يرتقي بمفاهيم ومبادئ وثقافات يؤمن بها الفرد، وأهمها مبدأ الشفافية ما بين الحاكم والمحكوم، الرئيس والمرؤوس، القائد والمقودين، وبترسيخ مبادئ الصدق والأمانة والقوة في المجتمع الكويتي، حتما سيكون الفرد الكويتي صادقا وشفافا مع نفسه قبل أن يكون صادقا وواضحا مع غيره، وقبل أن يصدر أحكامه، قوي بصنع قراراته، وأمين على تفعيلها وتطبيقها على نفسه وأسرته قبل أفراد مجتمعه.
أيها الناخب! نحن مررنا بحقبة من الزمن كانت موجعة أليمة، آلمت كل كويتي محصن ومصون ضد الفساد السياسي الذي استشرى في البلاد، فكن حذرا حريصا في اختيار من يمثلك، فنحن نعلم بأن العقل الإنساني لا يستطيع إدراك الواقع بشكل موضوعي خالٍ من التحيز، لعائلة أو قبيلة أو طائفة أو غيرها من تصنيفات صنفنا بها في السنوات النحيلة الأخيرة، فعليك بوفرة المعلومات وغزارتها عن المرشح الذي سوف يُمّثلِك في المجلس، وليس من يُمَثّل عليك، ومدى قدرته على بلورة أفكاره ورؤاه على أرض الواقع، بخلفياته الفكرية، ومصادره النظرية وأصوله المنهجية، ودرجة تحصين ومناعة ذاته من الملوثات السياسية التي انتشرت في الآونة الأخيرة.
فلنحذر كل الحذر من الممارسات السياسية المتخلفة والرجعية، سواء كانت من المرشحين أو الناخبين، تلك الممارسة والصنعة التي تُجّذر وتؤصل مبدأ التمييز الطائفي والقبلي والعائلي، بشراء أصوات الناخبين السذج السطحيين الذين لا يفقهون معنى الهوية الوطنية بمفهومها الحقيقي، ونمارس التطرف الفكري ضد بعضنا البعض، بالضرب والتشكيك في نزاهة بعض المرشحين، لتشويه سمعتهم ومحاربتهم، بحجة أنه لا ينتمي إلى طائفتي أو حزبي أو قبيلتي أو عائلتي، فلا يكون اختيارك قائما على أسس مذهبية وطائفية وعرقية، فاجعل منهاجك وطريقك لمن سوف تختاره، هو ذلك الشخص الذي مذهبه وطائفته وعائلته وقبيلته وحزبه وتياره، تلك الشمس المضيئة في الليالي الحالكة ألا وهي وطني ووطن الجميع الكويت.
منى فهد العبدالرزاق الوهيب
[email protected]twitter: @mona_alwohaib