د.عيسى العميري / إشراقات / المبادرة الخليجية في الخليج

1 يناير 1970 07:00 ص
ومن جديد يعود توتر الأوضاع في الخليج العربي إلى الساحة الإقليمية عبر سلسلة من التصريحات والتصريحات المضادة والمواقف التي حدثت أخيرا بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، وأيضاً من خلال التهديدات المتبادلة بين الطرفين والتي نتمنى من الله أن يلطف بهذه المنطقة من العالم ويقيها الشرور ويجنبها كل مكروه.. ولو استكملنا أحاديثنا السابقة حول الوضع الإقليمي واسطوانة الموقفين الإيراني والأميركي في الخليج، والتطورات الأخيرة التي تمثل أهمها في مناورات العضلات التي تقوم بها إيران وتجاربها الصاروخية والتي لا نرى فيها أي مصلحة لإيران سوى تأجيج التوتر الحاصل وتغذيته، فإننا في هذا الصدد نتمنى على القادة في إيران أن يعوا نقطة مهمة في خضم هذه المعمعة أن أي توتر في المنطقة وتصاعده بشكل خطير لن يؤثر على أميركا كما تتصوره إيران، فأرض الولايات المتحدة بعيدة عن هذه المنطقة بعشرات الآلاف من الكيلومترات ولن يضيرها شيء يذكر، إلاّ ما يحدث لها في حال تطور الأمور في المنطقة وخروجها عن السيطرة «لا سمح الله» نحو بعض العمليات الإرهابية التي ستقوم بها إيران لتعويض أي فشل في سياساتها، وهذا أقصى ما يمكن أن تتضرر به أميركا إذا ما استثنينا تحريك أيادي إيران في لبنان والعراق عبر حلفائها الذين تدعمهم فيهما ومناطق أخرى من العالم، وان الخاسر الأكبر هنا هو إيران والدول الخليجية.

إن الدول الكبرى في بعض من سياساتها لا تهمها الدول الصغرى عندما تصطدم تلك الدول بمصالحها... من هنا ومن هذا المنطلق، فإننا نجد لزاماً علينا - نحن الخليجيين التحرك في هذا الصدد. وإنني ومن وجهة نظري المتواضعة أرى أن يقوم المسؤولون في دول الخليج العربي بمحاولة جادة وسريعة تجاه التقريب بين وجهات النظر، والعمل على منع أي توتر قد يحدث في الفترة المقبلة، وذلك عبر وفد خليجي يزور كلاً من إيران والولايات المتحدة الأميركية للوقوف كما أسلفنا على الوضع في الخليج بناء على آخر تطورات حدثت من تصريحات إيرانية نحو التلويح بإغلاق مضيق هرمز والتهديدات المضادة من جانب أميركا عبر اسطولها الخامس في الخليج بعدم السماح بأي تهديد للملاحة وعبور الامدادات النفطية للعالم، وهذا كله يجب أن يتم فيه اتخاذ خطوة مهمة، ولأننا معنيون بدرجة أساسية في كل ما يحدث من حولنا هنا فإنه يتوجب علينا القيام بمثل هذه الخطوة، ليس لأي اعتبارات أخرى مجاملة لدول أو أطراف معينة! وإنما لما فيه من مصلحة لشعوبنا وتجنيبها أي أخطار نحن في غنى عنها.

وفي الوقت نفسه، فإننا لم نجد ما يسد رمقنا من القائمين في دول الخليج على الموقف الأخير في المنطقة، ونتمنى على المسؤولين اتخاذ خطوة أو خطوات من شأنها تخفيف التوتر الصاعد في المنطقة التي فيها أمننا واستقرارنا ومعيشتنا، فيتوجب القيام وكما أسلفنا بذلك، على الرغم من أن لهجة الحديث المتصاعدة بين إيران وأميركا لا تبشر بالخير نظراً لأن كل طرف على موقفه ثابت ولا يتزحزح عنه. وحتى لو كان الموقف الإيراني تجاه دول الخليج غير ودي في هذه الفترة، فإن هدف الحفاظ على الأمن والاستقرار في الخليج يجب أن يغطي أي اعتبارات أخرى. وبمعنى آخر حتى لو كان المسؤولون في الخليج متأكدين أن ليس هناك ما يمكن بحثه في هذا الوضع المتوتر، فإن ذلك لا يمنعنا من المحاولة وتقريب وجهات النظر للوصول إلى حلول ولو بدرجة وسطية. وأيضاً حتى لو تأكد لدى المسؤولين الخليجيين أن هذا الجهد لو تم لا فائدة منه، فإن ذلك لا يمنع المحاولة... والله من وراء القصد.



د.عيسى العميري



Twitter : @dressaamiri [email protected]