عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / دعوني أشمه ... وطراق العريس

1 يناير 1970 05:38 م
مشهدان مؤثران أحدهما أذهلني، والآخر هز كياني، الأول، قرأته في الصحف وكان في حفلة زفاف حين تعثرت الأم وهي ترقص في عرس ولدها، ما أدى إلى ضحك العروس وبصوت مرتفع عليها، فلم يملك العريس إلا أن يصفع العروس على وجهها انتقاما من سخريتها من أمه.

هذا المشهد تكرر مع بعض الاختلاف في عرس آخر حين قام الزوج أثناء حفل زفافه وهو على كوشة العرس فصاح في الضيوف: من يشتري أمي؟ فذهل الحاضرون من طلبه! وتلاشت الدهشة منهم حين أخبرهم بطلب عروسه أن يُنزل والدته من الكوشة لأنها (تفشّل)! ثم ألقى الطلاق على العروس وخرج من حفل الزفاف لأنه غير مستعد بأن يتنازل عن أمه.

للأسف أن الكثير من الزوجات تريد الاستئثار بالزوج ولو على حساب عقوقه لوالديه، وترى أنه أصبح ملكا خاصا بها، وأنها الوحيدة التي ينبغي أن يلتفت إليها ويحقق مطالبها.

ونقول لمثل هذه الزوجات، إن حق الوالدين مقدم على كل مخلوق، ولم يقرن الله تعالى حق بشر بحقه مثلما قرن حق الوالدين بحق التوحيد له (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا)، ولقد درسنا منذ الصغر جواب الرسول عليه الصلاة والسلام لمن سأله: من أولى الناس بصحبتي يا رسول الله؟ فكان أمك ثم أمك ثم أمك، أيتها الزوجة ضعي زوجك مكان ولدك، فما المعاملة التي تتمنين أن يعاملك بها؟

أما المشهد الذي عايشته بنفسي وهز كياني وأدمع عيني، فهو لحظة إخراج جثمان الأخ الحبيب وليد السبع رحمه الله من المستشفى لنقله إلى الثلاجة، فعندما وُضع جثمانه الطاهر في سيارة الاسعاف وإذ بنا نُفاجأ بامرأة تشق الصفوف وهي تقول دعوني أشمه، ثم اقتربت منه وشمّته وقبلته وودعته، أتعرفون من هذه المرأة؟ لقد كانت أمه، التي نسأل الله تعالى أن يجيرها في مصابها وأن يلهمها الصبر والسلوان.

أيها الكرام، إن حب الأم لأبنائها أمر فطره الله في قلبها ولا يعادله حب، وهي على استعداد بأن تلقي نفسها في التهلكة إن كان في ذلك النجاة لأبنائها.

فسلام الله عليكن أيتها الأمهات ورحمة الله وبركاته، فوالله مهما قدمنا من طاعة وبر فلن نؤدي حقكن، وكما قال ابن عمر لرجل رآه يحمل والدته ويطوف بها الكعبة، وقد سأله إن كان قد أدى حقها؟ فقال له ابن عمر: لا والله ولا بزفرة من زفرات الولادة. (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا).



رسالتي

من لم يكن له بر ووفاء ورحمة لوالديه فلن يكون وفيا أو رحيما بغيرهما. أيها الأبناء والبنات إن الوالدين أوسط أبواب الجنة، فاحفظوا هذا الباب أو ضيعوه. واعلموا أن الجزاء من جنس العمل، وأنه كما تدين تدان. 



عبدالعزيز صباح الفضلي

 Twitteer: @abdulaziz2002