بدأنا بمرحلة التسويق والترويج للأشخاص والأفكار، منذ أن فتح باب الترشيح لمجلس الأمة الكويتي يوم الأربعاء 21 ديسمبر2011 إلى يومنا هذا، ونحن نصبح ونمسي على رسائل الكترونية ورسائل نصية عبر الهواتف النقالة وأجهزة الكمبيوتر ومواقع التواصل الاجتماعي على سيرة ذاتية لمرشح، وبرنامج انتخابي لآخر، ورؤى انتخابية لثالث، وغيرها من طرق وأساليب كالظهور على القنوات الفضائية والإذاعية، وكل هذا لصنع دعاية وبهرجة انتخابية للمرشح وأفكاره.
فمن المرشحين من يقنع الآخرين بشخصه وأفكاره ومفاهيمه وقناعاته ورؤاه، ومنهم من يؤثر على الآخرين بما يحمل من صفات وسمات شخصية تؤهله لذلك وبما يتقلد من أفكار وقيم ومفاهيم ورؤى، ومنهم من يبرمج عقول الآخرين بتشكيل خريطة ذهنية تبرمج العقل الواعي بما يصب في مصلحته من برامج انتخابية تحمل شعارات مثالية، ومنهم من يتحكم بالفكر الإنساني بغسل أدمغة الناخبين بتفريغها من محتواها وحشوها بما يرغب من أفكار ومفاهيم وقناعات حتى وإن كانت مغلوطة وتخالف الفطرة البشرية.
نعم! نحن نبحث عن الجودة والمقاييس المثالية للمرشح، ولكن! هل هو يبحث عن الجودة والمعايير نفسها التي ترتقي إلى طموحنا كناخبين؟!
أيها المرشح العزيز... هل فكرت وأنت تسوق أفكارك ومبادئك ورؤاك الانتخابية أن تشبع حاجات ورغبات الناخبين من خلال عمليات التبادل بالأفكار والمفاهيم والقناعات؟! وهل تعلم أن التسويق هو نشاط إنساني موجه إلى إشباع الحاجات والرغبات؟
فالناس يأخذون منك منتجاً معيناً وهو أفكارك التي صنعتها في مصنع حياتك بمواد أولية نموذجية، من خلال حنكتك وخبرتك ومهاراتك في المجالات الإنسانية، فإذا شعروا أن منتجك هو الطريق الجيد لإشباع رغباتهم وحاجاتهم، فستكون أنت من يمثلهم، فاجعل من سلعتك التي تروجها ما يشعرهم باحترامك لنفسك وذاتك بالتمسك بمبادئك وأخلاقياتك، حتى وإن اجتمعت الانس والجن ليجبروك على التنازل عن تلك المبادئ، فكن صلباً جلدا لا يهزك هزل الهازلين، ولا عبث العابثين.
فنحن لدينا حاجات فكرية ومعرفية، تتطور وتتغير إلى حد بعيد بتغير وتطور الأحداث والوقائع التي تغشى الأمة الكويتية، فاجعل ارتكازك وقواعدك في صنع منتجك تقواك وخوفك وورعك من خالقك، ومن ثم ثقافتك ومبادئك ومعدنك وخلقك وتكوينك النفسي والفكري والعاطفي، ليكونوا أصلا في تغيير الشيء عن حاله، وأصل في الإبدال جعل شيئاً مكان شيء آخر، بأساليب عملية واقعية وذلك باستثمار أفكارك ورؤاك وبلورتها وإسقاطها على الواقع وتنفيذها وتطبيقها كعلاج وقائي يقوي مناعتنا ضد أمراض اعتللنا بها خلال السنوات العجاف الماضية.
وأنت أيها الناخب نرجو ألا يستطيع أحد أن يقود عقلك وإرادتك وبرمجتهم وخداعهم والضحك عليهم بأفكار عبثية خيالية خارجة عن نطاق المجتمع الكويتي بلغة نظرية فلسفية لا تسمن ولا تغني من جوع، فاجعل لك منظورا شرعيا وآخر علميا في منهجية اختيارك لمن يمثلك في المجلس، لا تكن كالأسفنجة فتتشرب كل ما يصب بداخلها، واحذر أن تنطلي عليك بعض الأفكار البراقة المتخفية بشعارات لامعة، بعيدة كل البعد عن الحقيقة الواقعية، بتغييب عقل الناخب من خلال الإثارة العاطفية والمعلومات المضللة، لدفعه نحو رؤية خاصة لا يعود نفعها إلا على المرشح وحده.
رسالة أوجهها لنفسي كناخبة قبل أن أوجهها للناخبين الكويتيين، استند في منهجية اختيارك لمن يمثلك على الميدان الواقعي من خلال تتبعك لممارساته العملية، والتعمق بدراسة أهدافه وغاياته التي يسمو لها بما يخص تنمية الفرد الكويتي والارتقاء بقدراته وإمكاناته وتصوراته بآليات متدرجة ومدروسة، ومن تكون أفكاره لا تخالف أو تصادم الشرع، ولا تقبل بالناخب الذي يُسطّح عقلك بتكرار بعض الأفكار والأساليب غير المقبولة لدى الشارع الكويتي، ومن يظنون أن التشنج ورفع الصوت هو المنهج القويم للارتقاء بالبلد وتنمية الفرد الكويتي، فلتكن رؤيتنا المستقبلية تنمية وتطوراً وارتقاء بلا فساد وإفساد.
منى فهد عبدالرزاق الوهيب
[email protected] twitter:@mona_alwohaib