إن الحياة تشبه الصدى، ما تقدمه لها يعود ويرجع إليك، وما تبذره وتزرعه تحصده، وما تشاهده في الآخرين هو ما يوجد لديك، وليس ما يوجد لديهم، ونظرتك لهم أنت المسؤول عنها ليس هم، إذا كنت تبحث عن أفضل الطرق التي تجلب لك تقدير واحترام الآخرين في جميع مجالات الحياة، فينبغي عليك أن تبحث وتنقب عن الخير ومؤشراته في كل شخص تربطك معه علاقة، وفي كل موقف تمر به.
هناك قاعدة ذهبية وهي ركيزة أساسية في التعاملات البشرية، كل من تبناها واعتبرها أسلوب حياة، ظفر بتوقير وتبجيل الآخرين له، التي تقول... «عامل الناس كما تحب أن يعاملوك»، كثير منا يتعامل مع الآخرين وفقاً للطريقة التي نراهم بها، وهذه حقيقة لا تخفى على أحد منا، ولكن قد نغفل عن حقيقة أخرى وهي أن نبحث عن الخير والقدرة في الآخرين حتى نعثر عليهما، وبمجرد عثورنا على الخير والقدرة في الشخص الآخر، مباشرة سنتعامل معه بشكل أفضل، وكوننا بحثنا عن الخير فهذا ينم عن إنسانيتنا.
لقد تباينت السمات والصفات من فرد إلى آخر، وهذا من كامل عدل الله سبحانه وتعالى فينا، لأننا كلما اختلفنا في الخصائص والقسمات تجاذبنا وتوافقنا، وانسجمنا وأتلفنا، وكانت لنا القدرة على إقامة العلاقات بأنواعها، هناك علاقة تبادلية بين الأشخاص، إن أردنا أن تترسخ وتتجذر تلك العلاقات في نفس صاحبها، فعليه أن يزكي ذاته ونفسه باحترامه لها، قبل أن يبحث عن احترام الآخرين له.
إن الاحترام يكمن في النفوس البشرية ويعد حاجة نفسية يسعى الإنسان لإشباعها وسدها في جميع مناحي الحياة، بالاحترام تنفتح لنا طرق ومجالات لإثبات وجودنا كعناصر فعّالة في المجتمع، ما ان نحترم ونوقر عقولنا وأفكارنا بتهذيب وتزكية نفوسنا، حتما سينعكس الاحترام والتقدير على الآخرين، وكل فرد يقف عند حدوده ولا يتجاوزها، بالتنازل عن مبادئه مقابل المصالح الشخصية، التي كانت سببا رئيسيا في فقدان التقدير والتوقير في ما بيننا.
اليوم نعيش صدى تجربة سياسية فاشلة، يؤوب ذلك ويرجع إلى من خاض تلك التجربة وهم من بعض أعضاء المجلس الحكومي، والبعض الآخر من أعضاء المجلس البرلماني، وما نبصره ونجده اليوم هو حصاد وأصداء تلك التجربة على أرض الواقع، بانتشار ثقافة مشروعية استحلال المال العام، كتبادل مصالح شخصية، بخضوع النفوس لهواها وما ترغب فيه من استحواذ وانتهاك حقوق الآخرين، وبخوار النفوس وانسياقها وراء المصالح المادية.
ها نحن مقبلون على انتخابات برلمانية وكل شخص ينوي للترشح عليه أن يسوّق لنفسه، بما يحمل من قناعات ومفاهيم وقيم ورؤى مستقبلية، ببرنامج انتخابي يعده ليبلوره ويطبقه في داخل البرلمان إن كان حليفه الفوز بمقعد برلماني، ونحن كمواطنين ناخبين نعيش مرحلة الصراع الداخلي والخارجي، بعد ما مررنا بتجربة برلمانية قاسية في ظل حكومة واهنة، جعلت من السحت منهجا سياسيا للخروج من أزماتها وصراعاتها، التي أوقعت نفسها بها ويرجع ذلك لعدم احترام الأشخاص لذواتهم، وبالتغافل عن واجباتهم تجاه بلدهم، والتجاسر على حقوق المواطنين، بهدر المال العام، وتعطيل عجلة التنمية.
وحتى لا تسقط من عين نفسك، احترم نفسك... واثبت على أخلاقياتك وقيمك، واقرع جرس الضمير الداخلي دائما، وفتش عن الخير والقدرة التي بداخلك بشكل مستمر، حتى لا تغريك مغريات الفاسدين، وتجرفك فيضانات السوء والشر، لتوقعك في وادي خسران نفسك ومن ثَم خسران بلدك.
منى فهد العبدالرزاق الوهيب
[email protected]twitter: @mona_alwohaib