قصة وعبرة / حفيد الفاروق والحجاج
1 يناير 1970
02:17 م
إنه سالم بن عبدالله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين.
كان أشبه لجده في الجهر بكلمة الحق مهما كانت ثقيلة الوطأة شديدة التبعات...
من ذلك أنه دخل على الحجاج ذات مرة في حاجة من حوائج المسلمين.
فرحب به الحجاج وأدنى مجلسه وبالغ في إكرامه... وفيما هما كذلك؛ إذ أتى الحجاج بطائفة من الرجال؛ شُعث الشعور، غُبر الأجسام، صفر الوجوه، مقرنين في الأصفاد.
فالتفت الحجاج إلى سالم وقال: هؤلاء بغاة مفسدون في الأرض، مستبيحون لما حرَّم الله من الدماء.
ثم أعطاه سيفه، وأشار الى أولهم وقال: عليك به... فقم إليه واضرب عنقه.
فأخذ سالم السيف من يد الحجاج، ومضى الى الرجل وقد شخصت أبصار القوم نحوه تنظر ماذا يفعل؟!
فلما وقف على الرجل قال له: امسلم أنت؟
فقال: نعم... ولكن ما أنت وهذا السؤال؟ امض لإنفاذ ما أمرت به.
فقال له سالم: وهل صليت الصبح؟ فقال الرجل: قلت لك إني مسلم ثم تسألني: إن كنت صليت الصبح! وهل تظن أن هناك مسلماً لا يصلي؟
فقال سالم: أسألك أصليت صبح هذا اليوم؟
فقال الرجل: هداك الله، قلت لك نعم... وسألتك أن تنفذ ما أمرك به هذا الظالم، وإلا عرضت نفسك لسخطه.
فرجع سالم الى الحجاج، ورمى السيف بين يديه وقال: إن الرجل يقر بأنه مسلم، ويقول: إنه صلى صبح هذا اليوم، وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله) (رواه مسلم).
وإني لا أقتل رجلاً دخل في ذمة الله عز وجل.
فقال له الحجاج مغضباً: إننا لا نقتله على ترك صلاة الصبح... وإنما نقتله لأنه ممن أعان على قتل الخليفة عثمان بن عفان.
فقال له سالم: إن في الناس من هو أولى مني ومنك بدم عثمان.
فسكت الحجاج، ولم يحر جواباً.
ثم إن أحد شهود المجلس قدم على المدينة وأخبر عبدَ الله بن عمر بما طلبه الحجاج من ابنه سالم.
فلم يتريث حتى يسمع بقية الخبر وإنما بادر محدثه قائلاً: وما صنع سالم بأمر الحجاج؟
فقال له: صنع كذا وكذا.
فسُرِّي عنه، وقال: «كيس كيس... عاقل عاقل».
(من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله).