من أخطر أسلحة التدمير، وأكثرها للأسف وقعا وتأثيرا في الإساءة للأبرياء وتشويه سمعة الشرفاء هي الاشاعات، هذا الأسلوب الرخيص الذي يلجأ إليه الخبثاء للنيل من خصومهم ومنافسيهم.
ومن أكثر الأوقات التي ينتشر فيها هذا المرض هي فترة الانتخابات، ولذلك تسخر بعض الأقلام والقنوات لبث تلك السموم.
البعض من أجل الوصول للكرسي يستخدم هذا الأسلوب وشعاره «الغاية تبرر الوسيلة» فلا يتورع عن الكذب والافتراء على الآخرين، ونسب أقوال وأفعال لم تحدث من أجل النيل من خصمه، والخطورة أن يتم تناقل هذه الافتراءات حتى تبلغ الآفاق.
ومن أجل أن يسلم للإنسان دينه، ويحافظ المرء على مبادئه وأخلاقه، فإنني أدعو إلى النظر والتأمل في الأسلوب الجميل الذي بينه القرآن الكريم في التعامل مع هذه الإشاعات، وقد ُضرب لنا مثال في قصة الإفك، تلك التهمة الشنيعة التي رددتها بعض الألسنة في الطعن في عرض النبي عليه الصلاة والسلام، حتى جاءت البراءة من الله تعالى لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في قرآن كريم يتلى إلى يوم الدين. المعالجة القرآنية لموضوع الاشاعة تتمثل في ثلاث خطوات: الأولى أهمية إحسان الظن في المسلم ولذلك قال تعالى «لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا» فالأصل البراءة والسلامة، وقد كان عمر بن الخطاب يقول... لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك شرا وأنت تجد لها على الخير محملا.
والثانية، تتمثل بطلب الدليل والبرهان «لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء» والقاعدة تقول البينة على من ادعى واليمين على من أنكر، ولقد تابعنا بعض المقابلات لأشخاص امتهنوا نسج الأحداث وقذف الاتهامات على جماعات أو حركات أو تكتلات أو أفراد، وإذا قيل له ما دليلك؟ فأجاب بأن الأمر مجرد انطباعات وتوقعات!
وأما الخطوة الثالثة، فهي في الانتباه والحذر من ترديد الإشاعة وتكرارها «ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم». فالأسلم للواحد منا ألا يردد أو يشيع خبرا ما لم يتأكد منه، وكما جاء في الحديث «كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما يسمع». وبالمناسة فإن كان تناقل الأخبار والإشاعات من دون تثبّت أمرا مذموما في حق عامة الناس، فهو من باب أولى مذموم وقبيح إذا صدر من أهل العلم والمتدينين، لأنهم القدوة وهم أكثر الناس علما في إثم من يفعل ذلك.
رسالتي
يقول الله تعالى «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين». فيا لسان: قل خيرا تغنم واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم.
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
Abdulaziz2002 twitter :@
[email protected]< p>