د.عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / جاء دورنا

1 يناير 1970 06:57 ص
ها قد وضعت الحرب أوزارها، وسكن الغبار بعد أن عكَّر أجواءنا ردحا من الزمن بين شد وجذب، ليعلوَ صوت الشعب بعد أن أنصفه أبو السلطات حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه.

رحلت حكومة الشيخ ناصر المحمد السابعة، مخلفة وراءها تركة ثقيلة على الشيخ جابر المبارك رئيس الحكومة الجديد، رحل مجلس الأمة الذي تحوم حول بعض أعضائه تهم الرشوة السياسية، رحلوا جميعا ليقول الشعب الكويتي كلمته من جديد في الرابع من فبراير المقبل بإذن الله.

أعطى سمو الأمير توجيهاته بالتشديد على نزاهة العملية الانتخابية، وفتْح صفحة جديدة مع نواب المعارضة في المجلس المنحل، ما هدأ النفوس، وجعل كثيرا من مرشحي مجلس الأمة القادم يرفض الدخول في فرعيات قبيلته التزاما بالقانون الذي أكدت عليه المحكمة الدستورية أخيرا.

لقد كان اختيار الشعب في الانتخابات السابقة وبالا عليه، إضافة إلى إغراءات المال السياسي الذي أفسد كثيرا من الذمم، وغير قواعد اللعبة، ومراكز الاستقطابات النيابية، ما خلق مجلسا تابعا للحكومة فيما تريد فرضه من توجهات، حكومة تغرق في شبر ماء كما يقال، حكومة تتعطل كل مفاصلها عندما يرفع أحد النواب استجوابا لرئيس مجلس الوزراء.

وعندما أقول ذلك لا أبعد أصابع الاتهام عن بعض المتنفذين والطامحين بالسلطة من التأثير في الساحة السياسية، والعمل على خلق الأزمات ليستفيدوا منها في صرف الانتباه أو تشتيت الجهود الرقابية والتشريعية المنوطة بنواب مجلس الأمة، ليحلو لهم الجو في فعل ما يريدون من تصفية حسابات وتضخيم الأرصدة.

ما سبق هو الظاهر من رأس جبل الجليد، أما أساس المشكلة من وجهة نظري فيكمن في النظام الديموقراطي ذاته، الذي لا يعطي للحكومة المعينة أغلبية نيابية تقف خلفه إلا من خلال كسب الولاءات بمختلف الطرق، لتستمر العملية ونعود للمربع الأول من جديد، لنفتح صفحة جديدة من صراع سياسي لا ينتهي.

إن الإصلاح السياسي لا يكون بمسكنات وقتية، والقضاء على العَرَض لا يعني القضاء على السبب، فليس الشعب وحده هو المسؤول عن الاختيار السيئ لنوابه، بل هناك أيد خفية تعبث بالعملية السياسية لتجعل منها ملهاة للشعب، وشكلا ديموقراطيا من دون جوهر حقيقي.

ورغم ذلك فقد جاء دورنا لنختار، فلتكن الكويت في ضمائرنا قبل أن نضع ورقة الانتخاب في الصندوق، ولنفكر في أجيالنا القادمة قبل أن تلعننا في المستقبل على تخاذلنا.





د.عبداللطيف الصريخ

كاتب كويتي

Twitter : @Dralsuraikh