قراءة في «الكواكبي»
1 يناير 1970
03:35 ص
| بقلم: عبدالكريم المنيعي|
يعد عبدالرحمن الكواكبي من اكثر الكتاب تأثيرا على الثوريين العرب، ويعد كتابه «طبائع الاستبداد» الذي قال عنه محمد رشيد رضا «كاد هذا الكتاب ان يكون معجزة دستور الثوريين، وقلما تجد منظرا للثورات لا يستشهد بكلام الكواكبي سواء صرح بذلك ام اكتفى بالنقل دون التصريح باسم المصدر».
ولكني عند تصفح كتاب الكواكبي وجدت ان الرجل اعقل بكثير ممن ينسبون انفسهم اليه، فالرجل لا يقول بان الزج بالعامة في اتون الحرب دونما قدرة وسيلة للحرية.والرجل لا يقول:
اذا الشعب يوما اراد الحياة ....... فلا بد ان يستجيب القدر
بل ان الكواكبي راعى قوانين السنن الكونية في محاربة الاستبداد، والان انقل لكم بعض المقتطفات التي تدل على ان الرجل كان احرص على ارواح الناس من بعض المتهورين الذين ينسبون انفسهم للعلم!
يقول: الاستبداد لا يقاوَم بالشِّدة إنما يُقاوم باللين والتدرُّج.
وهو بهذا يقرر حقيقة لا تحتاج تقريرا الا لمن اعمى الله بصائرهم، فالذين يزجون بالعامة عراة الصدور يقابلون الدبابات واعتى صنوف الاسلحة لم يعرفوا قيمة روح المسلم الذي قال الرسول عليه الصلاة والسلام فيه:(لزوال الدنيا اهون عند الله من اراقة دم مسلم).
ويقول الكواكبي: (يجب قبل مقاومة الاستبداد، وتهيئة ما يُستَبدَل به الاستبداد).
نعم لا بد قبل مقاومة الظالم ان نهيئ بديلا، فكم ظالما ازيح واتى من هو اظلم منه، وهل القذافي وصدام عنا ببعيدين؟ فهما نتاج ثورة ادعت انها تخلص الناس من الظلم، وكذلك مصر اليوم اكبر شاهد فهي التي ازاحت حسني الظالم فاذا بها تقع في فوضى عارمة وسفك دماء وترويع للسكان ما جعل كثيرين من المصريين يترحممون على ايام حسني! وهل هذا كله الا نتيجة لعدم تهيئة البديل.
ويقول كذلك الكواكبي: (هذه قواعد رفع الاستبداد، وهي قواعد تُبعد آمال الأسراء، وتسرُّ المستبدّين، لأنَّ ظاهرها يؤمنِّهم على استبدادهم. ولهذا أذكِّر المستبدّين بما أنذرهم الفياري المشهور؛ حيثُ قال: «لا يفرحنَّ المستبدُّ بعظيم قوَّته ومزيد احتياطه، فكم جبّارٍ عنيدٍ جُنِّد له مظلومٌ صغير»، وإني أقول: كم من جبّار قهّار أخذه الله أخذ عزيزٍ منتقم).
انظر كيف قرر ان هذه القواعد ظاهرها يأمن المستبد، ولكن حقيقتها ازاحة تدريجية له، ولكن مع الاسف اليوم الذي ينادي بهذه الامور يتهم بانه متخاذل ومنهزم ويشرعن الاستبداد!.
ويقول كذلك الكواكبي: (الاستبداد لا ينبغي أن يُقاوَم بالعنف، كي لا تكون فتنة تحصد الناس حصداً. نعم، الاستبداد قد يبلغ من الشدَّة درجة تنفجر عندها الفتنة انفجاراً طبيعياً، فإذا كان في الأمَّة عقلاء يتباعدون عنها ابتداءً).
لا تعلق!!! لا تعليق!!! سوى الرجاء لكتاب الثورة ان يتأملوا هذا الكلام!
ملاحظة:
الكواكبي كان علماني التوجه، وكان يرى فصل السلطة الدينية عن السياسية كما نقل ذلك العلامة رشيد رضا في مجلة «المنار».
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية< p>