عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / القضاة و70 ألفاً

1 يناير 1970 05:41 م
أشفق كثيرا على القضاة عندما أقرأ هذا الحديث حيث يقول عليه الصلاة والسلام «القضاة ثلاثة: اثنان في النار وواحد في الجنة، رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار في الحكم فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار».

ولذلك كان كثير من الأئمة يتهرب من القضاء خوفا من هذا الحديث، فالقاضي على مستوى العالم يتعرض لنوعين من الضغوط إما ترغيبا وإما ترهيبا، فالترغيب ليس له حصر من ترقيات ومنح وعطايا وغيرها، والترهيب إما بالأذى البدني والذي يصل إلى التصفية الجسدية، أو النفسي من خلال التهديد بقطع الرزق من خلال «التفنيش» إن لم تكن أحكامه وفق ما يريده المسؤول أو الحاكم.

القاضي مستأمن على أرواح الناس وأموالهم وأعراضهم، وكم نتألم عندما نسمع عن أحكام تدين بريئا، أو تبرئ ساحة مجرم، أو تقسو في أحكامها على متهم.

استقلالية القضاء أمر مطلوب حتى يأخذ العدل مجراه، والقاضي ينبغي ألا يحابي أحداً وأن يحكم بالعدل لأنه مسؤول أمام الله تعالى، يذكر أن شريح القاضي كان قبل جلوسه في مجلس القضاء يخرج من حقيبته رقعة ينظر فيها قبل أن يقضي بين الناس، فقيل لولده: ألا تُخرج لنا هذه الورقة فنعرف ما فيها؟ فقال بلى، فلما أخرجها وجد مكتوبا فيها: «يا شريح بن عبدالله، إذا وقف الخصوم بين يديك، فاذكر موقفك بين يدي الله، واذكر مرورك على الصراط».

إذا خان الرئيس وكاتباه

وقاضي الأرض داهن في القضاء

فويل ثم ويل ثم ويل

لقاضي الأرض من قاضي السماء

الشباب المحتجزون بسبب تهمة اقتحام مجلس الأمة، واختفاء مطرقة الرئيس، وكسر كأس ماء، نتمنى من الأخوة في النيابة إلى أن يتعاملوا معهم بروح القانون، وأن يلتمسوا لهم العذر وأن ينظروا إلى أيسر الإجراءات واتخاذها، خاصة أن البلد يمر بفترة تأزيم نحتاج معها إلى تخفيف وتيرة الشد والجذب، ولعل في ذلك تخفيفاً لمعاناة أسر طال غياب أبنائها عنها.

يذكر أن الخليفة المهدي غضب يوما على أهل الشام، فأراد أن يوجه لهم جيشا، فقال أحد جلسائه الناصحين: يا أمير المؤمنين، عليك بالتجاوز والعفو عن المسيء، فلئن تطيعك العرب طاعة محبة، خير لك من أن تطيعك طاعة خوف.



70 ألفاً

هذا الرقم له دلالاته، فعدد البشر الذين يدخلون الجنة بغير حساب 70 ألفاً كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، وعدد خزنة جهنم من الملائكة 70 ألفاً، كما أن من حضر ساحة الإرادة يوم الاثنين الماضي كان 70 ألفاً على أقل تقدير، ولقد كان لذلك الحضور دلالته وأثره، فيكفي أنه أكبر تجمع مر على الكويت في تاريخها، كما أنه جمع أطياف المجتمع، واجتمع الناس فيه على مختلف أعمارهم، والهدف مصلحة الكويت بالدرجة الأولى.

يحق لنا في الكويت أن نفتخر بأننا أول من حرك الربيع العربي خاصة بعد تحرك الشعب والنواب بعد أحداث ديوانية الحربش، وكانت قبل حادثة حرق البوعزيزي نفسه، وهناك بعض الإصلاحات في بعض دول الخليج، يقول البعض انها بعد الربيع الكويتي، وطبعا لا نحتاج التأكيد على أن ربيعنا سقفه تغيير الحكومة ورئيسها، وأما أسرة الحكم، فلا يختلف على بيعتها اثنان. كتبت المقالة بعد أن قبل سمو الأمير استقالة الحكومة، ولا أدري إن كان سيتبع ذلك حل المجلس الذي شوه سمعته بعض نوابه، ولكن كل الأمل بالله ثم بسمو الأمير أن يتم حل المجلس، وأن يترك للناس حرية اختيار من يمثلهم، وفي اعتقادي أن حساب القبيضة بعد ذلك سيكون عسيرا.





عبدالعزيز صباح الفضلي

كاتب كويتي

Twitter :@abdulaziz2002

[email protected]