عدم الثقة والتوفير يدفعان المواطن إلى الاعتماد على النفس... والوقوع في الأخطاء

«بيت العمر»... أبني «بروحي» أم أتركه للمقاول؟

1 يناير 1970 02:25 م
إعداد: حسين كمال



ما يتعلمه المواطن من بناء بيته لا يفيد كثيراً، ففي الغالب يبني المرء «بيت العمر» مرة واحدة، ويدفع ثمن الخطأ من دون أن يتعلم منه للمرة المقبلة.

بعض المواطنين يوكل الأمر من بابه إلى محرابه لشركة مقاولات، ويشتكون لاحقاً من قلة جودة المواد أو سوء التنفيذ. وآخرون يفضلون العمل بأيديهم فيسيئون اختيار المواد، أو يتعاقدون مع سيئ سيء لتنفيذ بعض الأعمال أو يشترون مواد بأسعار مبالغ فيها. هنا بعض من صعوبات البناء وما يكتنفها من أخطاء.

السيولة النقدية هي الوحيدة الكفيلة بتسريع انتهاء بناء المنزل، وجعله جاهزا للسكن. فمع متطلبات الحياة الكثيرة وقلة الدخل، يلجأ المواطن إلى مصدر آخر لتمويل البناء. وبنك التسليف والادخار، مورد مساند للمواطنين في هذه الأيام، ليتمكنوا من استكمال مراحل البناء بدءاً من الهيكل الاسود إلى أن تضع مفتاح بيتك في بوابة المنزل الرئيسية، حتى لا تتعرض لتسونامي أسعار مواد البناء التي لا ترحم. والمشكلة تكمن في أن المواطن المقبل على بناء بيته الخاص لا يستطيع أن يتفاعل مع تقلبات السوق من ارتفاع اسعار مواد البناء وعدم الثقة في المقاولين وتكليفهم بكل ما يتعلق ببناء السكن، والاكتفاء بالتنفيذ فقط دون ان يقوم بشراء أي منتج أو الاستعانة بمنتجات عن طريقه.

اذ يقول ابو خالد الذي قام ببناء بيته أخيرا بعد ان عانى كثيرا من أمور عدة أبرزها عدم الثقة في المقاولين وأن أغلب المواطنين المقبلين على بناء السكن الخاص يعتمدون في المقام الأول على شراء منتجاتهم بانفسهم بدلاً من الاستعانة بالمقاول في شراء تلك المستلزمات كما كان في السابق.



مشاكل البناء

وأكد ابو خالد ان مشاكل البناء لا تنتهي بدءا من المستلزمات الخاصة بمراحل البناء إلى صعوبة الحصول على شيكات بنك التسليف التي عادة لا تسعف المواطن في شراء مستلزماته بسبب ارتفاع الاسعار لاسيما تأخرها عن المواعيد التي يتطلب شراء أو بناء السكن ما يسبب في خسائر جسيمة يتعرض لها المواطن جراء ذلك التأخير.

ويقول ابو خالد ان بنك التسليف، يقوم باعطاء المواطن الشيكات التي تناسب احتياجاته وهي دفعات من القرض الاسكاني في حال استكمال ما يتطلب منه من مراحل في البناء، ولكن الحقيقة الغائبة عن البنك ان المواطن لا يستطيع استكمال انشاء بيته بالقيمة نفسها من الشيكات التي تصل إلى ما يقارب من 8 الاف دينار. ويتابع «المواطن يتحمل اعباء كثيرة منذ الاقدام على مراحل البناء، اذ تكمن في ارتفاع الاسعار وعدم الثقة في المقاول وقلة المبالغ التي يقترضها في بنك التسليف والتي تقسم عبر شيكات أي دفعات».

ويشير ابو خالد إلى أن قيمة القرض الاسكاني من بنك التسليف لا يسعف المواطن في استكمال مراحل البناء، اذ يتطلب من المواطن الاستعانة بقروض اخرى قد تصل إلى اضعاف القرض الذي يحصل عليه من بنك التسليف، لافتا إلى أن قيمة القرض التي تصل إلى 70 ألف دينار لا تصلح للبناء ولا الشراء في الوقت الراهن.

ونصح ابو خالد كل من يتجه إلى بناء وحدته السكنية إلى امتلاك مبلغ اضافي إلى جانب القرض حتى يستطيع استكمالها دون توقف أو عقبات تأتي نتيجة التأخر في الاعمال والتي ترتبط بعضها البعض والتي لا يفترض ان تؤجل إلى فترات.

وقال ابو خالد إن الشركات التي تقوم ببيع مواد الانشاء رفعت اسعارها تزامنا مع الارتفاعات العالمية والسائدة حاليا، في حين ان المواطن قد لا يستطيع الشراء «كاش» في الوقت الراهن ويدخل نفسه في مخاطر وارتفاعات اخرى تتمثل في شراء المنتجات بالاقساط إلى جانب القرض وديون اخرى من أجل استكمال البناء.

ووصف ابو خالد ارتفاع اسعار مواد البناء بالجنوني، في حين وصلت الزيادة في بعض المواد إلى 70 في المئة خلال السنوات الخمس الاخيرة، أما الزيادة في اسعار الاسمنت فارتفعت إلى ما يقارب 20 في المئة للمدة نفسها، إضافة إلى ارتفاع العوازل ومواد الصبغ والارضيات والسيراميك التي ارتفعت بنسبة وصلت إلى قرابة الـ 15 في المئة.

وعن الدعم المقدم من قبل الحكومة في بعض مواد البناء، أكد ابو خالد ان ذلك الدعم لا يكفي ولكن المطلوب الاهتمام بزيادة القرض الاسكاني أو سرعة صرف شيكات الدفعات من قبل بنك التسليف التي عادتا تتأخر ما تسبب مخاطر ومشاكل لمن يقوم بمراحل البناء لمنزله.



المقاولون

يبدو ان المقاول في الوقت الحالي اقتصر عمله على التنفيذ فقط بعد ان تفتحت اعين المواطنين على ان شراء المنتجات الخاصة بالبناء أفضل بكثير من التوكل على المقاول، ورأى أغلبهم بحسب تعليقات بعض المواطنين، ان المقاول يقوم بشراء منتجات لا يتم الاتفاق عليها ضمن بنود العقد، وأن أغلب المقبلين على البناء ليس لديهم الرغبة في التعامل مع المقاول إلا في التنفيذ فقط.

وتعليقاً على ذلك، قال مدير التسويق في شركة هوم زون للمقاولات المهندس محمد الأستاذ ان شركته تعمل في مجال المقاولات بإدارة كويتية لشباب طموح وذلك لتعريف المستثمر الكويتي أن الشباب الكويتي قادر على النهوض بشركات حيوية تعمل في مجال المنشآت ومستلزماتها في السوق الكويتي وتلافي عقبات السوق والتي ادت إلى عدم الثقة بين المواطن والمقاول.

وأفاد الأستاذ ان الشركة تسعى إلى تقديم خدمات مميزة لمراحل البناء التي يسعى إليها المستثمر الكويتي، ودور الشركة في هذا الحال هو تقديم خدمة أفضل وميسرة للمواطن.

وأكد الاستاذ ان الشركة تعمل على تنفيذ مراحل البناء دون النظر في تنفيذ أقل المواصفات باسعار تنافسية، مشيرا إلى أن ما يهم الشركة هو تنفيذ مشاريع بمواصفات متميزة وباسعار حسب العرض والطلب في السوق.

من جانب آخر، أكد المدير التنفيذي في مؤسسة الدار الحديثة للمقاولات العامة للمباني المهندس عبد الله صرخوه ان اغلب الاعمال التي تقوم عليها الشركات الخاصة بالمقاولات تتعلق بالتنفيذ فقط وليس الشراء والبناء كما كان في السابق، ولكن ما سنقدمه سيكون بمثابة اعادة المياه إلى مجاريها فيما بين المواطن والمقاول.



السكني والمقاول

ومع تلك التراجعات الحادة والخاصة في تنفيذ اعمال شركات المقاولات لتنفيذ وشراء مستلزمات البناء للمواطن ينشط من الجانب الآخر تنفيذ وشراء كل كبيرة وصغيرة في البناء للعقارات السكنية والتي لا يمتلك التاجر الصبر في شراء كميات كبيرة من مواد الانشاء أو متابعتها والتوكل على المقاول واسناد الامور كافة له، بعكس المواطن الباحث عن افضل المنتجات وباقل الاسعار.

ومع تلك التجربة يرى بعض المقاولين ان العقار السكني والتعامل في بنائه قد يكون بديلا لما فقدته شركات المقاولات من تنفيذ وشراء المستلزمات وان البيوت الخاصة لا تؤثر على اعمال المقاولين الذين ينظرون الآن إلى المشاريع الكبرى وتقليص اعمال البناء للافراد.



عروض قوية

هناك عروض كثيرة تقدم من قبل شركات عقارية ومقاولين مفادها بأن يقدم مبلغا مالياً قد يتعدى الخمسين الف دينار ويتسلم بيته على المفتاح، الأمر الذي لا يلقى قبولا عند المواطنين الباحثين عن انشاء بيوتهم، مشيرين إلى أن البيوت الخاصة وانشاءها تصل اسعار انشائها إلى ما يقارب من 100 ألف دينار في ظل الاسعار وارتفاعاتها الحالية، الا أن فئة قليلة تهتم بذلك الأمر وتضع أموالها وثقتها في تلك الشركات التي تقوم على تنفيذ مراحل البناء بالمبلغ المتفق عليه ولكن ليس كما يطمح اليه صاحب العقار.

وفي المقابل نشطت حركة المبيعات الخاصة بمواد البناء من قبل الشركات الكبرى والتي تقوم ببيع منتجاتها بالاقساط الميسرة، اذ ارتفع الاقبال على تلك المنتجات بالاقساط إلى 40 في المئة خلال العاميين الماضيين في ظل ارتفاع اسعار مواد البناء في السوق.





حلول ونصائح



ينصح تجار عقاريون ومواطنون قاموا بالبناء، ان يقوم المقبل على البناء بدءا من الهيكل الاسود بادخار مبلغ إلى جانب الشيكات، اي الدفعات، التي تقدم من قبل بنك التسليف، بالاضافة إلى انتظار العروض التي تقدم وشراء المنتجات قبل ان تقبل على التنفيذ حتى تستطيع استمرارية اعمال البناء دون توقف. وطالب الكثير من المواطنين ان يتم التدخل من قبل الدولة في تحديد اتجاهات اسعار مواد البناء التي الهبت اسعار العقارات واثرت على حركة تداولها، إضافة إلى ارتفاع اسعار عمال التنفيذ.





سحوبات وجوائز وخصومات



تقوم بعض شركات المقاولات التي تسعى لاستقطاب شريحة كبيرة من المواطنين لتنفيذ مشاريعهم من بيوت ومنازل إلى اللجوء لعمل سحوبات وخصومات وجوائز لكل من يقوم بالاستعانة بهم لتنفيذ وانشاء المنزل، بالاضافة إلى تقديم المتطلبات كافة التي يحتاجها المواطن من مرحلة البناء الاولية إلى الانتهاء من تسليم المفتاح، أو تصل حتى إلى مراحل تأسيس محتويات المنزل من الداخل بعد الانتهاء من التشطيبات.



 

شركات تابعة



تسعى بعض الشركات العقارية المعروفة لتأسيس فرع لها تابع للشركة يختص باعمال البناء والمقاولات نظرا للطلب الكبير الحالي على انشاء البيوت والمنازل، وبعض آخر قام بالفعل من انشاء شركة تابعة لها تقوم بالاعمال نفسها التي تقدم لخدمات المقاولات والبناء وباسعار تنافسية، لاسيما الاستعانة بالمعدات الثقيلة والخفيفة من الشركات الكبرى نظرا لعدم قدرة الشركة على شراء تلك المعدات في الوقت الحالي.





إعداد: حسين كمال

[email protected]