الأكثر طلباً ماء زمزم والتمور والمسابيح وسجادة الصلاة

«الصوغة» هدية الحجاج المباركة من مكة المكرمة والمدينة المنورة

1 يناير 1970 10:49 ص
كونا - أشار الباحث في التراث الكويتي صالح المسباح الى انه «من اجمل العادات الاجتماعية عند المسلمين في شتى بقاع العالم هدية او (صوغة) الحاج كما تقال في اللهجة المحلية، حيث يحرص الحاج وبمجرد انتهائه من أداء مناسك الحج على شراء الهدايا للأهل والأقارب والجيران»، لافتاً الى ان «هذه الهدايا كانت قديما تتخذ أشكالا مختلفة وان كانت القناني المعبأة بماء زمزم الأكثر طلبا فهي من اهم رموز الحج لدى جموع المسلمين، مرورا بتمور العجوة الأكثر طلبا، ثم المسابيح، وسجادة الصلاة، والمسواك».
وقال المسباح في تصريح صحافي: «ان صوغة الحجاج قديما كانت بسيطة وغير مكلفة ولكنها كانت تثير البهجة والفرحة في نفوس الكبار قبل الصغار لكونها آتية من مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكان من عادات وتقاليد أهل الكويت في الحج قديما في مثل هذه الأيام ان يرافق الحملات حاج ولكنه يجهز نفسه للعودة مسرعا قبل قدوم الحملة الى الكويت بأيام حيث انه كان يحرص على ذلك مجهدا نفسه ليزف البشرى لأهل الكويت باقتراب وصول أهاليهم من رحلة الحج ويطمئنهم على سلامتهم ويسمى البشير، وكان حينما يطوف على البيوت يبادر الأهالي بإعطائه من الثياب و(البشوت) و(الغتر) والنقود كهدية له، ويقوم الكويتيون بالخروج الى خارج السور لاستقبال حجاج بيت الله الحرام».
واضاف: «انه بعد عودة الحاج يقوم بعمل وليمة للأهل والجيران المقربين ويوزع الهدايا وتسمى (الصوايغ) التي تم شراؤها من مكة المكرمة والمدينة المنورة ومن اشهرها الخواتم، المسابح، السواكات، سجادة الصلاة، المصاحف، الغتر، الطاقية (غطاء الرأس)، والنعال النجدية»، موضحاً ان «(الصوغة) هي الهدية وهي مفرد صوايغ، والصوايغ كانت متلازمة مع عودة الحجاج من مكة وحلاة الصوغة في بركتها كونها أتت من أطهر بقاع العالم. وكان الأطفال والكبار يترقبون على أحر من الجمر عودة أهاليهم وأقاربهم ومعارفهم للذهاب اليهم وتهنئتهم بالوصول ومباركتهم بالحج لأخذ الصوايغ منهم، اضافة الى انها فرصة ثمينة لتناول المشروبات الباردة والساخنة والطعام».
وأوضح المسباح ان «أكثر الصوايغ طلبا والمحببة الى نفوس المهنئين كان ماء زمزم، وللعلم لم يكن يجلب ماء زمزم إلا بشكل محدود جدا وليس مثل الآن بكثرة لتوافر وسائل النقل المريحة والسريعة، ومن ثم تمور المدينة (العجوة والعنبرة) وعرفت منذ الأزل في المدينة المنورة وتأتي فائدته من وروده في عدد من الأحاديث الشريفة وليس أفضل منه هدية ففيها كل البركة»، مبيناً ان «الصوايغ كثيرة ولكن بعضها لازم ذاكرتنا خلال فترة الطفولة والشباب، وهناك صوغة مشهورة يحرص على اقتنائها اطفال الكويت قديما وهي الكاميرا على شكل تلفزيون وتأتي بثلاثة ألوان (الاحمر والاخضر والازرق)، وهي عبارة عن العاب مجسمة على شكل تلفزيون من البلاستيك بحجم قبضة يد طفل فيها مجموعة صور للأماكن المقدسة المتنوعة. كما ان من الألعاب ايضا هناك ما يطلق عليها مئذنة المسباح (الشاهد) ولها عين صغيرة اذا قربتها لعينك جدا فإنك ترى اما صورة مكة المكرمة او المدينة المنورة، وكان الحجاج يجلبون لأطفالهم آنذاك المزامير والصفارات ذات الإضاءة اليدوية، وكذلك المسدسات البلاستيكية والتي تطلق اصواتا مثيرة مصحوبة بإضاءات من اللون الأحمر والازرق».
وتابع: «ان من الالعاب التي يأتي بها الحجاج كذلك السيارات الصغيرة، وايضا هناك الكتكوت الاصفر الدوار حول نفسه، والناي الصغير، وايضا لعبة الفرارة»، لافتاً الى انه «بالنسبة للشباب كان الحجاج يهدونهم المسباح الأسود المطعم بفضة، والمسباح الاخضر المائل للاصفر، وطاقية (قحافي) المطرزة بالزرى الاصفر والفضي، وايضا النعال النجدية. اما الفتيات فكانت هداياهن (البقمة)، والقلادة منها (الوردي والاحمر والابيض والاخضر والذهبي) للبنات، او (العقد) التي فيها صور الكعبة او المسجد النبوي، او طقم العقد المكون من العقد والتراجي والاسوار والخاتم. وبالنسبة للنساء فإن هداياهن مكاحل المدينة المنورة وانقرضت تقريبا في اواخر الستينات وان كان كحل الأثمد موجودا للآن، وايضا مبخر ابوجامة وقطع من الخام الفاخر والعادي».
وبيّن المسباح ان «الحجاج يهدون اقاربهم المصاحف والمساويك (جمع مسواك) وسجادة الصلاة وغالبا ما تكون باللون (الاحمر والاخضر والازرق)، وكذلك كانت تجلب قطع من البلور والبلاستيك بها من تراب الاراضي المقدسة ومعمولة على شكل مخروطي وفيها حبل لتعلق على الرقبة وخصوصا للمريض للتبارك، وبعض الحجاج يحرصون على إهداء الأهل العطور الطيبة وخصوصا التي تباع بجوار الحرم النبوي الشريف حتى لو كان ثمنها غاليا مثل المسك، وبعض أنواع العود، والورد الطائفي، والعنبر»، مضيفاً: «ان اهل الكويت جبلوا قديما وحديثا على زيارة الحجاج بعد عودتهم حتى يلتمسوا منهم الدعاء ويتباركوا بشرب ماء زمزم، وكانت عودة الحجاج ولا تزال دائما محل احتفال واحتفاء لمكانتها ورمزيتها. ويحرص المهنئون والزوار على الاستماع الى تفاصيل رحلة الحج وذلك من باب التشجيع على الطاعة ونقل المعاني التعبدية والايمانية للناس».
ولفت الى انه «في ايامنا الحالية لم يختلف الوضع كثيرا وستبدأ أفواج الحجاج بالعودة الى ديارهم بدءاً من ثالث ايام العيد محملين بالهدايا (الصوغة) للأهل والأصدقاء، حيث ان تقديم الهدايا أمر مهم والتهادي له معنى عميق في الثقافة الاسلامية وفي بعض الاحيان يتحمل الحاج - خاصة من تكثر دائرة معارفه واصدقائه - نفقات تفوق قدرته»، مشيراً الى ان «الحاج حاليا كما الماضي يفضل شراء الهدايا التقليدية خفيفة الحمل ليقدمها للأبناء والأحفاد والأقارب والجيران».