| بيروت - من ايلي خيرالله |
انه اعلامي من طراز مختلف. انطلق من عالم الصحافة المكتوبة، ليدخل مجال التلفزيون كمراسل ضمن نشرة الاخبار على شاشة المؤسسة اللبنانية للارسال، وفي فترة قصيرة بات مذيعاً للنشرة، الى ان تحول نحو برامج الالعاب والمنوعات، كاسراً ذاك الحاجز من الوقار الذي تفرضه نشرة الاخبار. ثمانية عشر عاماً من التوهج على الشاشة الاولى في لبنان، والتي بات طوني خليفة صورة حية لها، اختُتمت بنقطة على السطر، ليبدأ العدّ من جديد على شاشة تلفزيون الجديد.
بين غمرة انشغالاته وأسفاره، تمكنّا من اصطياد هذا اللقاء مع الاعلامي طوني خليفة، الذي باح لنا بمكنونات قلبه بأسلوب ديبلوماسي.
ذكاء هذا الرجل، خوّله قول كل شيء دون ان يقول شيئاً، فاللبيب يفهم من اشارة واحدة...
وهنا نص الحوار:
• بداية ما قصة سفرك المتكرر في الآونة الاخيرة، ما كان سيدفعنا لحجز مقعد على الطائرة لاجراء هذا اللقاء؟
- هذا الامر ليس جديداً عليّ، فأنا اعيش حالة من السفر الدائم بدءاً من العام 1996ولغاية اليوم. ولكن ما يحصل حالياً انني اضطر للتغيّب لفترة طويلة خارج البلد، في حين ان اسفاري السابقة كانت تقتصر على التغيّب لمدة اربعة او خمسة ايام او اسبوع على الاكثر. أخيراً تنقلت كثيراً بين بيروت وعمان، لتصوير برنامج «الفرصة» الذي عُرض في رمضان الاخير. ونحن بصدد التحضير لمشاريع اعلامية جديدة في عمان، ما يستدعي ذهابي الى هناك بشكل متكرر.
• اذاً وجهة سفرك محددة دوماً باتجاه عمان؟
- لا بل تشمل دولاً عربية مختلفة. جرت العادة سابقاً ان اقوم برحلتي استجمام خلال السنة لزيارة دول اوروبية او اميركية. لكن الضغط المهني الذي اعيشه حالياً، حرمني من هذه الفرصة، وباتت الفترات التي امضيتها بعيداً عن العمل مخصصة للمنزل والعائلة.
• كونك اتيت على ذكر برنامج «الفرصة» فكيف تقيّمه شخصياً وهل كان على مستوى ما راهنت عليه كاطلالة اولى عبر شاشة الجديد؟
- انا لم اراهن يوماً، مسبقاً، على اي برنامج تلفزيوني عملت على تقديمه. وقد فوجئ، من لا يعرفونني جيداً من الزملاء الذين تعاونوا معي في هذا البرنامج، بصلابتي وجمود اعصابي وقدرتي على التفاعل مع الاخفاق احياناً اكثر من النجاح لتحويله الى نجاح منقطع النظير. هذه المسألة تكررت في العديد من برامجي السابقة كـ «ساعة بقرب الحبيب» و«لمن يجرؤ فقط» اذ واجهت بعض العثرات في بداية الحلقات. ولا انسى الكمّ الهائل من الانتقادات، التي ترددت على مسمعي، حين انتقلت من عالم الاخبار السياسية، الى برنامج الالعاب «بتخسر اذا ما بتلعب»، وبعد مرور اسبوع واحد تحوّل البرنامج الى حديث الناس اليومي.
لن ادّعي ان برنامج «الفرصة» حطم ارقاماً قياسية في عدد مشاهديه منذ اليوم الاول، كما لا يسعني القول انها كانت تجربة فاشلة. هذا البرنامج عرف انطلاقة متعثّرة بعض الشيء، ولكنه حصد نهاية ممتازة للغاية، وتفوق توقعات الجميع وتوقعاتي انا ايضاً، وربما تكون زيارة جلالة الملكة رانيا العبدالله شخصياً الى استديوهات البرنامج وهذا ما لم يحصل سابقاً البتة ومن الصعب ان يتكرر ثانية قد توجّت نجاح «الفرصة».
الى ذلك اعتاد المشاهدون في الماضي على برامج رمضانية زاخرة بالديكورات الجميلة، والتي كانت تسلّط الضوء على نجوم يتمتعون بجماهيرية واسعة، وهذا ما يفسّر تأففهم بداية من الحالات الانسانية التي كانت المحور الاساسي في «الفرصة»، ولكن عند وضوح فكرة البرنامج والغاية المرجوة منه، نال اكثر من حقه من استحسان عند المشاهدين.
• من الملاحظ انك ابتعدت عن فكرة الثنائي في العمل الاعلامي منذ اعوام عديدة...
- (مقاطعاً) لم اشارك احداً من قبل تقديم البرامج ولن افعل ذلك مطلقاً.
• أين تصنف دور الاعلامية اسيل في برنامج «الفرصة»؟
- ثمة قناعة مترسخة في ذهني ان العمل الثنائي، هو تجربة فاشلة في عالم التلفزيون. والاتجاه حالياً نحو الاحادية في تقديم البرامج او نشرات الاخبار. اذكر على سبيل المثال، برنامج «يا ليل يا عين» على شاشة LBC، الذي انتهى بخلاف بين المقدمين طوني ابو جودة وماريان خلاط. وحين شاركته كارلا حداد زوجته في تقديم الحلقات الجديدة من البرنامج وقعا في شرك المقارنة. فتخيّل اذا ما تشارك اثنان تقديم برنامج وهما لا يعرفان بعضهما سابقاً، وينتميان الى مدرستين اعلاميتين مختلفتين، الاولى هي تلفزيون عربي رسمي، والثانية هي مؤسسة خاصة ثائرة على كافة التقاليد في العمل التلفزيوني؟ هذا ما اثرّ سلباً حين تشاركت مع اسيل تقديم برنامج الفرصة، مع العلم انني كنت قد حذّرت سابقاً، مراراً وتكراراً، من خطورة هذه المسألة، لكنني لم القَ آذاناً صاغية. كان باستطاعتي الاصرار على موقفي، ورفضي ان تشاركني تقديم البرنامج، فالعقد الموقّع بيني وبين الشركة، يخوّلني ذلك، لكنني لم افكر يوماً بأنانية، فاكتفيت بالتحذير مما حصل في ما بعد وتركت لهم حرية القرار. اؤكد لك انني قدمت تنازلاً لمرة واحدة في هذا الشق. ولن يتكرر الامر مرة اخرى، الا اذا وجدت ان لهذا الشخص الذي سيشاركني التقديم دوراً فاعلاً يقوم به.
اسيل، على المستوى الشخصي، امرأة تتمتع بكافة مواصفات الاعلامية الناجحة والبارزة، ذات الحضور القوي، وصاحبة ثقافة واسعة. لكننا للأسف لم نتمكن من تشكيل ثنائي منسجم في «الفرصة»، وهذا ليس بالامر المعيب. ولو اخذ بوجهة النظر التي عرضتها بداية، لكان ذلك في مصلحة الجميع بمن فيهم اسيل.
• هل ان اطلالة الاعلامي عبر شاشة NEW TV مشابهة لحضوره عبر شاشة اخرى كالـ LBC مثلاً؟
- ما الذي تقصده؟
• قصدت هل تشعر بالرضى الكلي عن موقعك الحالي؟
- لم آتِ رغماً عني الى محطة NEW TV، كما انني لم اطرد من الـ LBC لأبحث مكرهاً عن محطة تلفزيونية اخرى. اخذت قرار الانتقال الى NEW TV وانا في قمة عطائي على شاشة LBC. ولم لا اكون راضياً؟ فالشاشة التي اطل منها حالياً ساهمت في اطلاق العديد من النجوم في مجالات مختلفة، وهي في طور منافسة العديد من الفضائيات العربية. من جهة اخرى، من الجيد ان يختبر المرء ما إذا كانت نجاحاته مرتبطة بالشاشة التي يطل منها ام لا؟ فأنا احبّذ ان يردد الناس اسم طوني خليفة رغم كونه خارج الـ LBC. لا انكر ان الاطلالة عبر شاشتي الـ MBC والـ LBC لا توازي اي اطلالة اخرى، نظراً لما تحظى به هاتان المحطتان من جماهيرية واسعة وانتشار واسع، لكن هذا لا يعني ان المشاهد العربي يكتفي بهما فقط، فاذا ما اعجبه برنامجاً على NEW TV سينتظره دوماً كسواه من البرامج.
• هل سياسة البرمجة المتبعة حالياً في محطة LBC، لم تعد تتناسب مع اسلوب طوني خليفة في العمل؟
- لا اعرف ما هي سياسة البرمجة هناك.
• من الواضح ان الاهتمام منصب حالياً على برامج تلفزيون الواقع؟
- ثمة برامج اخرى لا تنتمي الى الـ REAL TV، وقد تبنّتها المحطة، كبرنامج «وابتدا المشوار» الذي عرض في الصيف الماضي. ومع احترامي الشديد لجميع من شاركوا في هذا البرنامج، لا بد من الاعتراف ان الشاشة التي قدّمت برامج كـ «ساعة بقرب الحبيب» و«لمن يجرؤ»، حيث بلغ سقف الحوار مستوى عالياً جداً، لم يكن يجدر بها العودة الى المستوى الذي شاهدناه في «وابتدا المشوار».
لم تكن نوعية البرامج هي الدافع الرئيسي لمغادرتي المحطة لا بل كانت قد وُضعت شبكة البرامج الجديدة وعلى جدولها برنامجان من تقديمي. لكن الدنيا قسمة ونصيب.
• تم الغاء هذين البرنامجين؟
- طبعاً. فقد الغي برنامج الالعاب الذي كنت اقدمه سنوياً في شهر رمضان. اضافة الى الغاء برنامج آخر.
• وكيف كان رد فعل الاداريين حين واجهتهم بقرارك؟
- لقد تعاطفوا معي حين ابلغتهم عن العرض الذي حصلت عليه من شاشة NEW TV، وتعاطوا معي بأدب كبير ولا يسعهم في النهاية التصرف بأسلوب مغاير، نظراً لمسيرتي الناصعة في المحطة طيلة الاعوام الثمانية عشرة الماضية.
هم يعلمون تماماً انني ضحيت بأمور كثيرة في الفترة الماضية، وكنت اتقاضى على ساعة واحدة خارج الـ LBC ما احصل عليه طيلة عام كامل داخل المحطة، ورغم ذلك، رفضت عروضاً لا تحصى، انهالت عليّ منذ عام 1997، اكراماً لمحبتي لهذه الشاشة والقيمين عليها.
• وما الذي تبدّل فيما بعد؟
- شعرت بأن ثمة ما يدفعني لمغادرة المحطة فتبعت احساسي.
• حكي كثيراً في بداية العام الماضي عن برنامج ضخم تحضر له شاشة LBC بعنوان «دمعة وابتسامة»، فلم لم يبصر النور؟
ـ كان يفترض ان يتم عرضه عوضاً عن برنامج «وابتدا المشوار». ثمة من وجد بأن «وابتدا المشوار» افضل من «دمعة وابتسامة»، فأخذ القرار بتصوير الاول، وتبخّر العقد الذي كان قد اتفق عليه مع قناة «انفينيتي» حول الثاني.
برأيي لو اعيدت «منتجة» برنامج «دمعة وابتسامة»، لكان حصد نجاحاً اكبر مما حققه برنامجا «بمن يجرؤ» و«ساعة بقرب الحبيب». اعترف ان هذا البرنامج لم يأخذ حقّه بالشكل الذي ظهر فيه على شاشة «انفينتي»، ولكن تلك القناة، كانت على اتم الاستعداد للتعاون مع الـ LBC لاعادة صياغة هذا البرنامج بالشكل اللائق. فحدث ما لا اجد له تفسيراً، وبدأ عرض «وابتدا المشوار» لكنه انتهى سريعاً ذاك المشوار.
• هل صحيح ما حكي حول التشابه بين فكرة «دمعة وابتسامة» وبرنامج «مع حبي» لجمانة بو عيد على شاشة «روتانا»؟
- التشابه الوحيد يقتصر على المؤتمر الصحافي الذي يشارك فيه الضيف في النهاية. لكن انا لم ابتكر هذه الفكرة من العدم فمن الممكن ان تراود اياً كان. كما ان جمانة، لو كانت ستقتبس فكرة ما، كانت لتبلغ صاحب الفكرة، نظراً لما تتحلى به من اخلاق حميدة. بعضهم كانوا يتعمّدون سرقة فكرة برنامج وتحويلها الى فقرة محدّدة لمجرد اتلاف الفكرة. وقد جرت محاولات مماثلة هذه السنة لكنني كنت الاسبق اي تبادلنا الادوار هذه المرة، وبعد انطلاقة برنامج «الفرصة»، اضطر البعض الى تعديل برامجهم والغاء بعض الفقرات.
• ما لاحظناه ايضاً في السنة الاخيرة التي امضيتها في LBC ان ما عرض لك من برامج كان قد صوّر لحساب محطات اخرى كـ «TAKE IT OR LEAVE IT» و«هذا انا»؟
- انت محق. وهذا ما دفعني للتفكير جدياً بمغادرة الـ LBC. حين ارتضيت بالعمل مع محطات تلفزيونية درجة ثانية وثالثة، حفاظاً على علاقتي بالـ LBC، فوجئت انه تم التعاطي معي بشيء من الاهمال، وتركوا لي المجال مفتوحاً لأستفيد مادياً لكنهم حققوا فائدة مادية ايضاً عند عرض تلك البرامج، كونها لم تكن اقل نجاحاً من سواها. اعتبروا ان طوني خليفة ابن الـ LBC ولن يغادرها بتاتاً. وهذا ما كنت اشعر به ايضاً، لكنني تعرضت لمواقف كنت بالغنى عنها. هذان البرنامجان كانا قد صوّرا لحساب محطات عربية، وكان الثمن الذي دفعته مقابل الحصول على حقوق عرضهما عبر شاشة الـ LBC دون مقابل، بأن ارضى بأجر هو اقل بثلاثة اضعاف مما استحق. وفي المقابل لم تُعنى الـ LBC جيداً بهما وتم عرضهما في اوقات متأخرة ولم يظهرا بالصورة المجلية المعتادة لبرامج المحطة. انا احمّل الـ LBC مسؤولية ما حصل، كونها لم تحسن الحفاظ على صورة نجم من نجومها عمل على بنائها طيلة ثمانية عشر عاماً.
• ماذا تقول للاستاذ تحسين خياط رئيس مجلس ادارة NEW TV عبر منبر «الراي»؟
- اقول له لقد فاجأتني فعلاً بقدرتك على تلمّس ما يحتاجه الناس فعلاً من خلال هذه الشاشة الصغيرة. تحسين خياط اذا ما تبنى وجهاً اعلامياً فهو يفعل ذلك دون حدود. رغم انني لم التق به سوى مرة او اثنتين لكنه احاطني بدعم كبير، واكتشفت في فترة وجيزة ان ثمة قدرة لديه على ملاحظة ادق الامور في العمل التلفزيوني، وهذا ما يؤكد انه اهل ليكون في هذا الموقع الاعلامي البارز. تحسين خياط رجل بكل ما للكلمة من معنى بما يتخذه من مواقف وقررات كبيرة. العمل مع هذا الرجل يشعرك بالامان سواء اكنت في موقع ضعف ام في موقع قوّة. وما شجّعني بأن انضم الى اسرة NEW TV، حين لاحظت ان ثمة من افوقهم خبرة وأهمية وتجربة وفي الوقت نفسه صنع منهم نجوماً تحسين خياط. وبقراره الشخصي صنع اشخاصاً من قصاصات ورق، وهو يعرف تماماً كيف يعيدهم الى ما كانوا عليه ساعة يشاء. هذا هو الانطباع الذي كوّنته عن هذا الرجل، وأتمنى الا يحصل ما يعكر صفو علاقتي به لاحقاً.
• بعد انتهاء برنامج «الفرصة» ما هي الفرص الجديدة لاطلالاتك التلفزيونية القادمة؟
- ثمة برنامج اسبوعي نعمل على تحضيره، وأتمنى ان يبصر النور قريباً. ومن الاقتراحات التي هي قيد الدرس اعداد نسخة جديدة من برنامج «لمن يجرؤ فقط» ضمن اطار مختلف من الحلقة الاولى. او متابعة برنامج «الفرصة» في موعد اسبوعي بشكل مغاير عن السابق ايضاً. الى ذلك طرحت على الادارة افكاراً لبرامج جديدة وما زالت قيد الدرس، كما يحكى ايضاً عن امكانية تعريب بعض الافكار العالمية.
• في ختام هذا اللقاء اود ان تجيبني صراحة ما الذي تبدّل في مظهرك وجعل البعض يتحدثون عن خضوعك لعمليات تجميل؟
- لا، التغيير طرأ على تسريحتي فقط، وذلك نزولاً عند رغبة مزين للشعر في الاردن. في البداية اضطررت لتقبل الامر نظراً لضيق الوقت ودخلت الاستوديو دون ان اكون مقتنعاً بهذا «اللوك» الجديد. في اليوم التالي، تلقّيت العديد من الاطراءات والتشجيع للحفاظ على هذه التسريحة، وسمعت في ما بعد آراء مغايرة. لكنني قررت الحفاظ على هذا المظهر، كونه جديداً ومن الجيد ان يسعى المرء الى التغيير من وقت لآخر.