فقيدنا لم تفقده السعودية وحسب بل فقدته الأمة العربية والإسلامية والمجتمع الدولي. فقدنا جميعنا أميرا تميز بحسه الإنساني الرفيع واقترن اسمه بالخير، سمحاً محباً للإحسان قلبه لا يدع اليتيم وبابه لا ينهر المحتاج صاحب الابتسامة المشرقة وصاحب الأيادي البيضاء الذي تجاوز سخاؤه وبذله العطاء حدود الوطن ليصل إلى كل العالم ويشمل القاصي والداني. فقدنا أمير جند حياته لخدمة وطنه، وشارك في كل أوجه التنمية بدعمه ووقته وفكره ومواقفه، وبماله وإنسانيته. كان في حله وترحاله كالغيث يسقي نداه السهلا والجبلا، ولم يطرق بابه أحد وعاد خائبا أبدا. فقدنا مؤسسة إنسانية عالمية قائمة بذاتها.
فقدناه وقلوبنا يعتصرها الألم وانتحبنا بكاء عليه، ومن لا يبكي وينتحب لموت أمير هذه صفاته، فقدناه لكن سيرته العطرة المليئة بالعطاءات والانجازات العظيمة وأعماله الجليلة التي لا تعد ولا توصف، ومناقبه الخيرة التي لا تحصر دونها التاريخ في صفحاته، وخط اسمه بالذهب مع عظماء الزمان، ولن تنساه الذاكرة الإنسانية أبدا فما قدمه من خير، وما بذله من سخاء صدقات جارية سيصله أجرها بلا انقطاع بإذن الله تعالى. فقد تاجر مع الله وربحت تجارته، وتصدق في السر أضعاف أضعاف ما رآه وسمع به الناس... أكبر دليل على حب الله له كل القلوب التي اجتمعت على محبته، وهالها فزعا خبر موته، وبكت وانتحبت من البكاء عليه بكاء خالص لوجه الله تعالى لا رياء فيه ولا نفاق ولا تزلف.
اللهم ارحمه وتغمده بواسع رحمتك، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، وانس وحشته بالسرور الذي أدخله على قلوب اليتامى والمحتاجين، واجعله يلقاك ضاحكا مستبشرا كما كان في حياته ضاحكا مستبشرا في وجه الصغير والكبير والغني والفقير، وارفع درجته في عليين ثواب تواضعه وحبه للمساكين، وألهمنا الصبر، وأن نقول ما يقوله الصابرون في مثل هذا الخطب الجسيم والفاجع الأليم... إنا لله وإنا إليه راجعون.
رحم الله سلطان بن عبدالعزيز، وحفظ لنا خادم الحرمين الشريفين وإخوته الكرام.
ملاك الدريب
كاتبة سعودية
[email protected]