د.عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / وماذا بعد؟

1 يناير 1970 03:25 م
جميل جدا أن يمارس مجلس الأمة دوره السياسي الرقابي على أكمل وجه، والأجمل أن حاجز (استجواب سمو رئيس الوزراء) قد تم كسره وتجاوزه، بعد أن كان منطقة محرمة سنوات طويلة، فأصبح نواب الأمة، والشعب نفسه، يطالب بمحاسبة رئيس مجلس الوزراء على منصة الاستجواب، وقد اعتلاها أكثر من مرة، وإن كان في جلسات سرية.

تنادى الناس إلى الساحات العامة لإعلان اعتراضهم على السياسات الخاطئة لرئيس الحكومة، والممارسات السياسية المرفوضة، وشاركهم في ذلك النواب وممثلو الحركات السياسية والسياسيون المستقلون (بالقاف والغين لا فرق)، أمام كاميرات وميكروفونات قنوات التلفزة المحلية والإقليمية والعالمية، وكذا العديد من الصحافيين، ليقوموا بتهديد رئيس الحكومة ووزرائه، والتلميح بأسماء من تعاون معه من ممثلي الأمة رغما عنها، والتلويح بأوراق ومستندات.

ولكن ماذا بعد ذلك؟!

لكل تشريع فلسفة، فالاستجواب وهو قمة أدوات الرقابة الشعبية على أفراد السلطة التنفيذية، له فلسفة وغرض، إن لم يتحقق فلا فائدة ترجى من ذلك الاستجواب، ويتوجب علينا أن نستخدم أدوات أكثر فاعلية، وعلينا ألا ندور في حلقة مفرغة حول أنفسنا، لا أقول هذا الكلام دفاعا عن أحد، فأنا شخصيا مع الحق الدستوري المطلق لأي مستوجب ولأي وزير في الحكومة، ولكني أيضا أدور مع مصلحة الأمة والشعب حيث دارت.

نأتي للقاءات في الساحات العامة، حيث يكثر فيها الكلام والصراخ والتهديد والوعيد، ثم ينتهي بهم المطاف إلى استجواب سري هزيل، يخرج منه رئيس الوزراء منتصرا على خصومه، و«كأنك يا بوزيد ما غزيت»!

ورغم إيماني بحرية التجمعات في الساحات العامة والدعوة لها وفق القانون، ورغم احتواء السلطة لها حتى هذه اللحظة، ورغم تنامي أعداد المشاركين بها يوما بعد يوم، إلا اني أراها (إبر) تخدير، فالصراخ أفيون الشعوب، ومع التصفيق الحار، وصيحات التشجيع، تمتص الرموز السياسية غضب الشارع، ويخرج الناس من تلك الملتقيات بأرقام وإحصائيات وعنتريات وتعهدات، وينتهي المُولِد بلا حُمّص.

ما ضايقني اخيرا دعوة أحد المغردين من (كبار) الدعاة، ممن أجل وأحترم، أفراد الشعب لتلك الملتقيات في الساحات العامة، وتوجيهه لهم بالصبر والمصابرة والثبات، فإنه جهاد وشهادة! حيث قال في تغريدته ما نصه (أرى في تجمع الإرادة أعزة وسادة، ورجالا وقادة، وجهادا وشهادة)! إلى ماذا تدعو يا شيخ، هل تعي ما قد تؤول إليه الأمور؟! أرجوك فالوضع لا يحتمل تأويلا خاطئا من شاب متهور.





د.عبداللطيف الصريخ

كاتب كويتي

Twitter : @Dralsuraikh