كثيرات يحظين بدعم لا محدود وانتشار كبير في المنطقة

المغنيات العربيات يتسابقن على اللون «الخليجي»... فنياً ومادياً!

1 يناير 1970 02:15 م
| كتبت - سماح جمال |

لا يمضي أسبوع أو أكثر حتى تظهر مغنية جديدة تدخل الوسط الفني خصوصا مع انتشار ظاهرة الاقبال على الأغاني الخليجية من المطربات، لتغدو حالة التسابق على أشدها** فكل فنانة تتنافس مع قريناتها في التعامل مع أهم الشعراء والملحنين أصحاب الباع الطويل في المجال.

ووسط هذه المعركة الساخنة بين المطربات - كنانسي عجرم، يارا، منى امارشا، أصالة نصري، أنغام، ميريام فارس، مادلين مطر، دارين حدشيتي على تقديم الأغنية الخليجة والدخول لهذا السوق - نجد حالة فتور بين الخليجيات والأغنية الخليجية، فالمغنية وعد السعودية نجد إقبالها على تقديم الاغنية اللبنانية والمصرية حقق لها انتشاراً أكبر لها هناك أكثر من الخليج، والأمر ينطبق على شمس الكويتية التي اتخذت منحى عربيا في خياراتها وفي آخر اغنياتها اختارت طرح أغنية باللون العراقي، وكلما زاد تبعاد الخليجيات عن أغنيتهن وتراثهن زاد تعلق العربيات بالخليج ووصل الأمر إلى حتى ظهورهن بالمظهر الخليجي ليخلقوا جواً من الالفة فلا تمانع ميريام من تقديم رقصة خليجية وتظهر لنا منى امارشا بالدراعات التراثية والحنة الخليجية تكاد لا تفارق يديها.

ومع استمرار ابتعاد فنانات الخليج كأحلام ونوال الكويتية عن الساحة الفنية بعد زواج كل منهما وانشغالهما بالانجاب والأولاد يستمر الغياب، فنوال كانت قد بدأت حملة لألبومها الجديد إلا أنه مع اقتراب طرحه فوجئ محبيها بتأجيل نزوله بسبب حملها، أما أحلام فارتبطت ببرنامج «ارب ايدل» كعضوة في لجنة التحكيم ما سيبعدها ولو لفترة عن الساحة.

ومع تراجع شركات الانتاج الفني وتأثر حركة المبيعات في مصر ولبنان، بدأ الفنانون ينظرون إلى منطقة الخليج بوصفها أكثر استقرارا خاصة في ظل تمركز أهم المهرجانات أمثال هلا فبراير، ليالي دبي، مهرجان قطر، الجنادرية واستقطاب أهم الأسماء الفنية وسخاء الانتاج لتقديم هذه الأعمال. ليبقى السؤال عن السر وراء هذا الاهتمام نحو الأغنية الخليجية وهل هو محاولة من الفنانات العربيات لاكتساب قاعدة جماهيرية في الخليج للحصول على أكبر قدر من «كعكة» الحفلات.. «الراي» التقت عدداً من الشعراء والملحنين للتعرف على رأيهم في هذه الظاهرة وإليكم التفاصيل:

الدكتور عامر جعفر قال: إن هناك مطربات ومطربين يقبلون على الاغنية الخليجية منذ فترة طويلة بدليل غناء المطرب الراحل عبد الحليم حافظ قدم أغنية «ياهلي» تبعه الاقبال على هذا اللون في الستينات والسبعينات، فالأغنية الخليجية لاتزال تحافظ على كلمتها الشعرية الرومانسية والايقاعات المتلونة المختلفة وكل هذا يخدم الالبومات، إلى جانب جذب منطقة الخليج للكثير من الحفلات والمهرجانات الغنائية ما يجعل المطربون يحسبون لها ألف حساب لما لها أهمية على صعيد تحقيق الجماهيرية والصرف على انتاجها وبالنهاية المطرب يحارب لشهرته.

وأضاف: الأغنية الخليجية قدمتها قامات شاهقة حملوها وأوصلوها لأهم المراتب ولذلك مازالت محتفظة ببريقها، وهناك مطربات استطعن ايصال الأغنية الخليجية بالطريقة الصحيحة كأصالة، وكانت لدي تجربة مع أسماء المنور وهي فنانة مغربية وعندما اخترناها لتقديم الأغنية لم نفكر في جنسيتها بل في إمكانياتها الفنية التي ستمكنها من إيصال المعنى، وهذا يؤكد أن الفن لا نستطيع ربطه بالجنسية فهل يعقل أن نسأل لماذا «بافروتي» يغني بالانكليزية وهو ايطالي، فتاريخ الأغنية لا يقاس بهذ الطريقة، فالفنان عوض الدوخي قدم أغنيات أم كلثوم بصوته ولليوم هناك جمهور يحب سماع هذه الأغنيات بصوته، فالأغنية لا جنسية لها بل هي مسألة فنية، ونحن في عصر الانفتاح وكل الشعوب تتبادل منتوجها الفني والغنائي وحتى في الخليج هناك من ينطلق إلى الأغنيات العربية مثل نوال الكويتية التي قدمت الأغنية المغربية.

وعن دور شركات الانتاج في دعم الفنانين للغناء باللهجة الخليجة، قال جعفر: كل فنان يستغل ما لديه من قدرات ويجتهد في تقديم موهبته ثم يأتي دور شركات الإنتاج التي تدعم وتقوي هذا النجاح من خلال ميزانيات قوية، لكن هذا يتم مع موافقة وتقبل الجمهور للفنان.

من جانبه، قال الملحن فهد الناصر: نحن - الملحنين - نريد تقديم أعمالا خليجية ونتمنى وجود أصوات كويتية وسعودية وإمارتية لكن إذا لم نجد هذه الأصوات فهذا لا يعني لن نقدم عملاً خليجياً، وشخصيا أعتبر الأغنية خليجية طالما كان اللحن والكلمات والإيقاع خليجي بغض النظر عن من غناها، وأعترض على فكرة نسب الأغنية لجنسية مغنيها، واليوم لا يوجد شيء اسمه الأغنية والمطربة الخليجية فقط بل هناك الأغنية الجميلة، فهناك أغنية «انا ناطر» لنبيل شعيل سجلتها في أكثر من دول بين تسجيل بيانو لميشيل فاضل، وغيتار في تركيا، وكمان في مصر ثم قمت بالمكس في الكويت فالى أي بلد ننسب هذه الأغنية؟

وعن سبب الاقبال على الأغنية الخليجية، قال: قد تكون المغنيات العربيات وجدن ضالتهن في الخليج، فالبيئة الخليجية خصبة من ناحية الحفلات، والمهرجانات، والأعراس والأوبريتات الوطنية، واليوم أصبحت الاغنية الخليجية باباً للانطلاق والانتشار لتسويق العمل هذا إلى جانب المردود المادي.

ورداً على سؤال إن كان يغضبهم ظهور المطربات غير الخليجيات ومشاركتهن بأهم المهرجانات كما حدث مع يارا في مهرجان «الجنادرية» والتي شكلت مشاركتها سابقة كأول مطربة تشارك فيه، قال الناصر: عملية الاختيار تتوقف على نجاحها والمكانة التي وصلت إليها، وعندما اختيرت يارا للمشاركة في «الجنادرية» كانت محققة نجاحاً كبيراً ولا ننسى أن يارا عندما غنت «ماروم» ارجعت المطربات الخليجيات للأغنية الخليجة مجددا، كما أن معظم التجارب التي قدمتها المطربات اللبنانيات كانت ناجحة بدرجات متفاوتة، وغنائهن يسعدني لأنه دليل أن الاغنية الخليجية لديها «صيت» وصاحبة حضور قوي على الساحة.

وفي ما يتعلق بمقولة ان الحظ لم يقف في صف بعض المطربات الخليجيات كهند البحرينية، قال: على العكس فإن هند متواجدة وناجحة وقدمت من قبل «اوبريتات» وطنية وهي من الأصوات الموجودة على الساحة الغنائية، لكنها تأثرت ببعض الظروف الانتاجية، ولو توافرت لها ظروف إنتاجية كافية فستتصدر قائمة الأصوات الغنائية في الخليج.

وعن سر غياب الدعم للمطربة الخليجية وتوافره لغير الخليجيات، قال:لا توجد شركات إنتاج تدعم الأصوات الكويتية منذ بدايتها فالفنان يحتاج أن يكون هناك دعم له على صعيد الحياة الفنية وحتى الشخصية ويوجه في كافة النواحي، كما أن الموهبة لا تكفي لوحدها فهناك «الكاريزما» وعوامل أخرى، ولدينا في الخليج مطربات معروفات خارج المنطقة العربية كوعد السعودية لديها جمهور في لبنان، وهناك أسماء لا تحتاج دعاية مثل أحلام التي تتصدر القوائم حتى ولو لم تقم بحملة إعلانية لألبومها، لكن المشكلة هي غياب شركات الانتاج التي تقف وراء الفنان وتحقق له النجومية، ولو وجدت مثل هذه الشركات لتغيرت الساحة الخليجية، خاصة أنني واثق بأن الأغنية المقبلة هي الأغنية الخليجية.

وأضاف: وهناك شمس الكويتية تصرف على ألبوماتها مبالغ طائلة، وصوت كأريام اعتقد أنه يحتاج إلى اهتمام أكبر وأن تجد شركات انتاج تهتم بها، والكثيرات أخذن منحى الاغنية المنفردة أو «السنغل» وهذا الاتجاه لا يجذب شركات الانتاج أو يجعل الفنان مطلوبا في الحفلات أو المهرجانات التي تتطلب رصيدا غنائيا كبيرا يعتمد عليه الفنان.

وإذا كان يعتبر غياب أحلام ونوال الكويتية عن الساحة الفنية بأنها حالة كسل، قال:لا أرى أنه كسل، وألبوماتهما الأخيرة كانت ناجحة والنجوم الكبار يعرف عنهم إصدار البوماتهم الغنائية كل عامين، وهم يعتمدون على قاعدتهم الجماهيرية الكبيرة.

وعن النصيحة التي يوجهها للمطربات الراغبات في تقديم الاغنية الخليجية، قال الناصر: من ترد أن تثبت نفسها باللون الخليجي فعليها بالسير على خطى منى امارشا فهي استطاعت إثبات نفسها في فترة وجيزة، واشتغلت على نفسها، فالأصوات الجيدة في الخليج موجودة لكنها لا تستطيع احتراف الغناء لأسباب أسرية واحتكامها للعادات والتقاليد، فالأمر اليوم لم يعد يقتصر على تقديم أغان فقط بل أصبح يتطلب تصوير الأغنية لتسويقها والظهور الإعلامي.

ومن جهته، رأى الملحن عبدالله القعود أن الإقبال على الأغنية الخليجية هو لجمالها وانتشارها، العالم العربي منفتح على بعضه والسوق الخليجي هو أكبر سوق داعم ولا يجب أن نغفل تقديم بعض المغنين الخليجيين أغاني لبنانية ومصرية، ومغربية، فكثير من المطربات اللواتي قدمن الاغنية الخليجية كان أداؤهن جميلا وعليهن اقبال بدليل تكرار التجربة مراراً، ولو كانت هناك استثناءات من البعض اللواتي لا يمتلكن الموهبة فتلك قضية أخرى.

وعن تفسيره للدعم الكبير الذي تحظى به غير الخليجيات لتقديم اللون الخليجي، قال: الأمر يعتمد على نشاط الفنان نفسه، وهناك فنانات قدمن أكثر من لون ونجحن مثل نانسي عجرم التي غنت المصري واللبناني والخليجي وحظيت بجماهيرية كبيرة، فالمعيار هو نشاط الفنان نفسه وبعض الفنانات يردن التقرب من الجمهور الخليجي وارضاءه، واليوم الأغنية هي التي تتكلم وليس الجنسية ولو جاء مطرب انكليزي وغنى أغنية خليجية ونجحت فسيصفق له الجمهور.

وحول تأثر الفنانات الخليجيات باتجاه الفنانات العربيات نحو السوق الخليجي، قال: هذا الكلام غير دقيق، فلدي مكتب حفلات وأعرف الاقبال على طلب الفنانات الخليجيات في الحفلات أوالأعراس أو المهرجانات مثل وعد السعودية التي لديها شعبية حتى لو تأخر اصدارها لألبومها فلا يعني أن الجمهور ينساها، كما أن نوال مطلوبة وليس معنى أن منى امارشا نشيطة وتدعمها شركة يعني أنها أفضل من نوال مثلاً، ولا يمكن ان نقول أن الفنانات الخليجيات قلة فهذا يعني أن نلغي اسماء مثل مرام، وهند البحرينية..

وعن المطربة التي استطاعت إيصال الاغنية الخليجية، قال: كنت من عشاق الفنانة الراحلة ذكرى، إلى جانب أصالة، منى امارشا، ميريام فارس، انغام، يارا، ونانسي عجرم، وكثير من الفنانات قدمن ألبومات الخليجية كأنغام، أسماء المنور، وقد ينجح الفنان أو لا لكن المهم أن يأخذ فرصته.

أما الشاعر خالد البذال فرأى أن هناك فنانات حريصات على تقديم أكثر من أغنية خليجية في ألبوماتهن، فهي أغنية متسيدة وتحقق مكاسب مادية من ورائها لأن اغلب الشعراء اليوم يدفعون أموال للمطربات حتى يغنين أغانيهم، هذا بخلاف المهرجانات والحفلات التي يطلبن فيها وما يحققنهن من أموال لا يستطعن التحصل عليه في بلادهن.

وإذا كانت البعض من الفنانات قد شوهن الأغنية الخليجية ولم يستطعن ايصالها بالصورة السليمة، قال البذال: هناك تشويه عندما تغني غير الخليجية أغنية خليجية، لانها لا تعرف «وين راح تكون» أو ماذا تقدم، وشخصياً أعتبر أن الفنان المصري مثلاً يجب أن يغني المصري والخليجي يغني الخليجي.

وعن تفسيره لحاله الغياب لأسماء مثل نوال الكويتية وأحلام، قال البذال: نوال كبرت في السن وزواجها وحياتها الشخصية طغت عليها كما أن هناك فرق بصوتها الذي أصبح «يشيخ»، أما أحلام فهي الأخرى بعد الزواج والأولاد انشغلت.وبالنهاية كل هؤلاء أصوات محدودة وفقيرة ونحن سنعاني لمدة عشرة سنوات مقبلة من قلة الأصوات وهذا سيترتب عليه غناء غير الخليجيين للأغنية الخليجية، وحاليا لا يوجد صوت خليجي ولا دعم، واعتبر أن الاغنية هجرت الكويت وذهبت إلى أناس يدفعون ويدعمون كالامارات. وأضاف: نستطيع أن نخرج مطربة بأفضل صورة لكن المهم أن نقنع الجمهور باستمراريتها، وأصبحنا اليوم بعصر الأغنية الواحدة التي «تنجم» الفنان أو الفنانة.