وقفة تأمل ومراجعة / فأما اليتيم فلا تقهر...
1 يناير 1970
04:43 ص
التقطت هذه الصورة في احدى دور الايتام لطفل يتيم افتقد امه فرسمها على الارض ونام في احضانها...
هذه الصورة بما تعبر عنه من مشاعر جياشة تجعلنا نتوقف عندها طويلا ونطرح على أنفسنا سؤالا: هل قمنا بواجبنا الذي الزمتنا به شريعتنا السمحة تجاه الايتام في مجتمعاتنا؟
ونكرر السؤال بصيغة اخرى: هل تعاملنا معهم على أنهم مكون رئيسي في نسيج المجتمع؟
وبصيغة ثالثة: هل خففنا عنهم قسوة الحالة وبشاعة الصورة من خلال التكافل الاجتماعي التعاوني؟
واخيرا: هل رعيناهم وحفظنا حقوقهم المشروعة وربيناهم وهيأناهم للحياة؟
اذا فتحنا المجال واطلقنا العنان للاسئلة فلن نتوقف، وحتى لا يستهلكنا الوقت والمساحة فسندخل في صلب الموضوع في محاولة للاجابة عن التساؤلات التي طرحناها من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية.
يكفي ان نعرف ان ذكر لفظ (اليتم واليتيم واليتيمة والايتام واليتامي) ورد 23 مرة في 23 اية قرآنية، وتكرر ذلك في السنة النبوية المطهرة مرات كثيرة.
فإذا كان اليتم بهذه الصورة، وهكذا اهتمت به الشريعة الاسلامية من خلال مصدريها الاساسيين (القرآن والسنة) ومكانته في المجتمع معروفة.
ومن هنا فإن المجتمع اصبح مسؤولا مسؤولية كاملة بأن يتضامن ابناؤه ويتعانوا في ما بينهم لاتخاذ كافة المواقف الايجابية التي تكفل رعاية الايتام بدافع من شعور وجداني عميق ينبع من عقيدة اسلامية راسخة ليعيش اليتيم في كفالة الجماعة.
لقد حض الرسول صلى الله عليه وسلم على كفالة التيتيم، وامر بوجوب رعايته وبشر كفلاء اليتيم المحسنين انهم سيكونون معه في الجنة.
وكذلك درج المسلمون من عصورهم الاولى على افتتاح الدور لرعاية الايتام، لتتولى المؤسسات الاسلامية العامة والخاصة تربية الايتام ورعايتهم والانفاق عليهم ومساعدتهم على النمو الطبيعي والحياة الايجابية في المجتمع، وكفالة اليتيم من الامور التي حث عليها الشرع الحنيف، وجعلها من الادوية التي تعالج امراض النفس البشرية، وبها يتضح المجتمع في صورته الاخوية التي ارتضاها الاسلام.
على انه لابد ان ننبه الى ان كفالة اليتيم ليست في كفالته المادية فحسب، الكفالة تعني القيام بشؤون اليتيم من التربية والتعليم والتوجيه والنصح، والقيام بما يحتاج من حاجات تتعلق بحياته الشخصية من المأكل والمشرب والملبس والعلاج ونحوها.
وتعتبر كفالة الايتام من اعظم ابواب الخير وقد جاءت آيات القرآن الكريم دالة على بيان فضل رعاية اليتيم وعظم اجر كافله، فقال تعالى: «يسألونك ماذا ينفقون قل ما انفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامي والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم»، (البقرة: 215).
وقال جل من قال: «واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم ان الله لا يحب من كان مختالا فخورا» (النساء 36).
وقال ايضا: «ويسألونك عن اليتامي قل إصلاح لهم وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم ان الله عزيز حكيم» (البقرة 220) وقال جل شأنه: «فأما اليتيم فلا تقهر» (الضحى 9).
وقد وردت احاديث نبوية كثيرة في فضل كفالة اليتيم والاحسان اليه منها:
عن سهل بن سعد رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، واشار بالسبابة والوسطى وفرق بينهما» رواه البخاري
ومنها ما روي عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: «اتحب ان يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك».
وقوله صلى الله عليه وسلم: «ادن اليتيم منك والطفه، وامسح برأسه وأطعمه من طعامك، فإن ذلك يلين قلبك ويدرك حاجتك».
وفي حديث ابي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ان اردت ان يلين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم».
بعد هذا العرض الموجز اعتقد اننا في حاجة الى وقفة تأمل ومراجعة لامور كثيرة في حياتنا ومنها علاقتنا بالايتام وكيفية التعامل معهم، والواجب علينا تجاههم.
عبدالله متولي< p>