د. وائل الحساوي / نسمات / وداعا لليأس والقنوط

1 يناير 1970 01:30 ص
يقول القائد الألماني ادولف هتلر «ان اسلحتنا الاضطراب الذهني وتناقض المشاعر والحيرة والتردد والرعب الذي ندخله في قلوب الاعداء، عندما يتخاذلون في الداخل ويقفون على حافة التمرد وتهددهم الفوضى الاجتماعية تحين الساعة لنفتك بهم بضربة واحدة».

ويقول المفكر الروسي (بليخانوف) «ان رجل الدعاية يقدم آراء كثيرة لفرد واحد او لعدد قليل من الافراد، لكن مثير الفتن يعرض رأيا واحدا او آراء قليلة لجمع غفير من الناس».

ان اكبر مشكلة نواجهها اليوم في الكويت هي شعور الاحباط واليأس الذي ينتاب غالبية المواطنين ما يحركهم للاقتناع بجميع ما يطرحه عليهم مريدو الشر والفتنة، ما ان تدخل ديوانية او تجلس في مكان عام حتى تسمع عبارات يائسة عن وضع البلاد وانها قد اصبحت على حافة الانهيار وانه لا أمل في الاصلاح، بل اننا قد اصبحنا نتفنن في جلد الذات واستجلاب الويلات على انفسنا والتشكيك في كل انسان مخلص والاستهزاء بكل انجاز نحققه في واقعنا حتى اصبح اليأس هو العامل المشترك لدينا والانسان متهم حتى تثبت براءته.

ومع ان مجتمعنا من اكثر المجتمعات انفتاحا وشفافية ولايكاد يخفى علينا شيء فيه إلا ان نظرية المؤامرة من الاطراف المتنفذة قد اصبحت جزءا من حياتنا، والاشاعات منتشرة في جميع رسائلنا ودواويننا، ويكفي ان يطلق انسان اشاعة ما حتى تنتشر كانتشار النار في الهشيم ويصدقها الناس دون دليل.

اليونان دولة عريقة تاريخيا وغنية ومتقدمة، ولكن اليونان قد طالها ما طال بعض الدول من سقوطها في فخ الديون حتى بلغت 250 مليار يورو (دخلها السنوي 240 مليار يورو) وقد فشلت الدول الاوروبية من انتشالها من ذلك العجز وهي على وشك اعلان افلاسها، فماذا كانت ردة فعل الشعب اليوناني الذي فرضت عليه الجهات المقرضة قوانين صارمة للتقشف؟! لقد حدثت بعض الاضطرابات في العاصمة اثينا ثم عاد الشعب اليوناني لهدوئه وعرف ان ذلك الانفلات لن يفيده وانما لابد من مضاعفة الانتاج والصبر على القيود لكي يتخطى ازمته.

اما بالنسبة لنا في الكويت فنحن ولله الحمد مازلنا نسبح فوق بحر من الفوائض المالية والنفطية وليس لدينا اي مشكلة اقتصادية، ومشاكلنا التعليمية والصحية والسكانية دون اقل بلدان العالم مشاكل، ويتمتع الفرد الكويتي بجميع مقومات الحياة الكريمة ناهيك عن الحريات ونظام الحكم المستقر والمؤسسات التشريعية والرقابية والمحبة بين الشعب وحكامه، لكن بعض الناس لايكاد يرى إلا وشاح السواد واليأس القاتل وفقدان الامل من الحاضر والمستقبل، ونحن لا ننكر ان هنالك مشاكل قد طرأت علينا من الحكومة والمجلس قد عكرت صفو حياتنا، واستنكارنا لها وطلبنا بإصلاحها هما ظاهرة صحية مثلما يفعل الجسم عندما تهاجمه الفيروسات ولكن فرق بين ذلك وبين الانغماس في اليأس وفقدان الثقة بكل شيء وتعميم الشكوى من المرض حتى قبل ان نصاب به.

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من قال هلك الناس فهو اهلكم».

ويقول الشاعر ايليا ابو ماضي:

ايا ايها الشاكي ومابك داء

كيف تغدو اذا غدوت عليلا؟

ان شر الجناة في الارض نفس

تتوخى قبل الرحيل الرحيلا





د. وائل الحساوي

[email protected]