د.عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / أبو مشاري فارس العتيبي
1 يناير 1970
03:38 م
جاءتني الرسالة على (جروب الديوانية) بالواتس أب كالصاعقة فلم أصدقها، وسألت من أرسلها لي: هل هو صاحبنا أبو مشاري أم تقصد غيره؟ فأكد لي بأنه صاحبنا المرشد الروحي لشباب الديوانية، فارس نوار العتيبي! رحمة الله عليه.
كان وقع الخبر قويا على كل الأصدقاء، فقد كان موجودا تلك الليلة، ليلة الجمعة الماضية، وشارك في الحوار والنقاش بهدوء كعادته، وتركها مودعا لآخر مرة عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل، ويقول ابنه مشاري لأحد الزملاء ان المنية وافته وهو ينتظر صلاة الفجر، وكانت موتته طبيعية.
عرفت هذا الرجل الذي كان يبدو بسيطا متواضعا هادئا صامتا منذ سنة أو تزيد قليلا، عندما داوم على حضور ملتقى ليلة الجمعة، فكنت أحرص على تعليقاته على النقاش والحوار، لما يتميز به من هدوء وعقلانية دون تعصب لرأيه، وكان الجميع يصمت عندما يتحدث أبو مشاري، الذي كنا نعتبره المرشد الروحي لروادها، كونه الأكبر سنا، والأكثر خبرة وتجربة في الحياة.
إنه لمحزن جدا أن تودع صديقا لك كان يتجاذب معك أطراف الحديث، وإذ بك تشيعه إلى مثواه الأخير في أقل من أربع وعشرين ساعة، إنها لصدمة تدعونا أن نراجع جميع أفعالنا وسلوكياتنا قبل أن يأتينا ملك الموت على حين غرة دون سابق إنذار، وهو يأتي حين يأتي دون تردد أو استئذان.
الموت حق، وهو الحقيقة التي لا ينكرها بشر، ورغم ذلك، فكثير منا يتناساها في خضم الحياة، وينسى أن تلك اللحظة ستأتي، ولات حين مناص، والمحظوظ هو من استعد لها، من كان خاليا من حقوق البشر عليه، لم يسرق، ولم يأكل مال يتيم، ولم يقبض رشوة، ولم يخدع، ولم يتحايل، المحظوظ من يأتيه ملك الموت وقد أدى فرضه، وما عليه من واجبات اجتماعية تجاه والديه، إن كانا من الأحياء، وأهله وجيرانه.
ما أصعبها من لحظات تمر على الإنسان وهو يودع هذه الدنيا، بعد أن كان يلهث وراء ملذاتها، يسابق الريح في جمع رزقه وبناء علاقاته، التي يعتقد أنها ستدوم، ونسي أن الدوام لله وحده، وأن الدنيا قنطرة للآخرة، وهي دار اختبار، لا دار قرار.
رحمك الله يا أبا مشاري، وتغمدك الله ب
واسع رحمته ومغفرته، وأبدلك دارا خيرا من
دارك، وأهلا خيرا من أهلك، وألهم ذويك الصبر والسلوان.
د.عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter : @Dralsuraikh