منى فهد عبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي / مشروع حياة!

1 يناير 1970 10:14 م
لكل منا مشروع لحياته إما أن يكون مشروعا فرديا أسري، أو جماعاي، أو حزبيا، أو منظميا، أو تياريا، أو غير ذلك. ولكن ما يختلف في تلك المشاريع هي الرؤية المستقبلية لكل مشروع يبنى، وكذلك الاختلاف والتباين في طريقة ومنهاج بلورة وترجمة فكرة المشروع على أرض الواقع، وكيفية ممارستها.

ولكل منا أسس تفكير بحقوقه الإنسانية، وبكل فخر الإسلام هو من وضع أسس التفكير بحقوق الإنسان، وقَعّدْ وجعل للتدريب العقلي أركانا تحفزه على الحذر والحيطة من المشكلات المستمرة بمجابهة الشرور لأن السكوت عنها يشجع على المزيد منها، كما نراه اليوم متجسداً بتردي الأوضاع المعيشية، وذلك لأسباب سياسية وعقدية واجتماعية واقتصادية، وغيرها.

إن كنت من المتابعين والراصدين للحراك السياسي العربي الإسلامي، بجميع تياراته وأحزابه وجماعاته وبما قاموا به خلال الأعوام العشرة الأخيرة، تستطيع الجواب عن السؤال، هل كان حراكهم السياسي يصنع حدثا أم هي ردة فعل للحدث؟ كثير من الجماعات والتنظيمات والتيارات والأحزاب لها تاريخها العريق وأقيمت وأسست على أيادي أشخاص مفكرين منطقيين معتدلين، بفكر مقنن ومنهج واضح، وغالباً ما يكون لدى الحزب أو التيار أو غيره من التنظيمات مشروع سياسي ممنهج ومؤصل بحسب فكر وتوجه من هم ينتمون لهذا الحزب أو الجماعة أو التيار.

يوجد في الكويت توجه سلفي قائم على منهج أهل السنّة والجماعة، ويعد هذا المنهج كمدرسة دعوية، ينتهجها أصحاب الفكر السلفي،والسؤال الذي يطرح نفسه هل للتيار السلفي مشروع سياسي واضح؟ قد يعارضني البعض ويرد ويقول لا يوجد تيار سلفي، بل هو توجه فقط كما ذكرت سلفاً، ولكنني أؤكد من خلال متابعتي للحراك السياسي الكويتي بجميع أطيافه أن التيار السلفي الكويتي موجود على أرض الواقع ويمتلك جماعة ذات فكر ولها مرجعية وقيادة، وأنجزت من الانجازات ما لم ينجزها غيرها، وسيذكرها التاريخ ويسطرها في صفحاته، وتقدم التيار السلفي بصورة ملحوظة خلال الأعوام الأخيرة وكان له تأثير وأثر واضح على الساحة. ولكن ما يفتقده التيار السلفي اليوم مشروع سياسي متكامل، فالمشروع السياسي هو مشروع حياة لأمة بأكملها، والمشاريع هي ممارسات فكرية يمارسها أفراد التيار أو الجماعة أو التنظيم أو الحزب، ويبلورها ويسقطها على أرض الواقع كممارسة فعلية، لذا لا بد من وجود مشروع سلفي سياسي مقنن وممنهج ومؤصل ومكشوف وواضح ويكون قانونيا، ليتيح لمنتسبيه التحرك وفق أساليب بينة وجلية، لإقامة دولة مدنية بفكر سلفي متقدم، ركنه وعماده الحرية والعدالة من خلال الدفاع عن الضرورات الخمس وهي: (الدين - النفس - العرض - العقل - والمال) بتأصيل شرعي علمي، منظرين ومفندين لسياسة ومنهج المشروع من خلال تغيير وتطوير الخطاب الإسلامي للجمهور، والنزول للشارع ومشاركة الأفراد معاناتهم، وصناعة الأحداث التاريخية السياسية،بأطر وحدود مؤصلة من الثوابت والقواعد الأساسية التي لا يختلف عليها اثنان. نرتجي من التيار السلفي صياغة مشروع سياسي سلفي بمنهج رباني ظاهر أبلج، يتوافق مع مبادئ الدين، لينفي الإشكالية التي نقع بها اليوم من نسف الدولة المدنية التي وصل إليها العقل البشري، بممارسات فكرية وفعلية تتبنى الذود والدفاع عن الحقوق الإنسانية الشرعية، بفكر متعدد مرن غير مزدوج، وليس بفكر أوحد يعمم على البشر ويلزمهم به كدستور حياة ما أنزل الله به من سلطان، ولن يتم ذلك إلا بتشذيب وتهذيب القوانين وتأطيرها وتقنينها بأطر ثابتة مؤصلة متقدمة تتماشى وتتناسب مع تقدم الحراك السياسي للدول.





منى فهد عبدالرزاق الوهيب

[email protected]

twitter: @mona_alwohaib