وليد الرجيب / أصبوحة / المطبوعات من مكانة الكويت الحضارية

1 يناير 1970 11:53 م
كنت في اجتماع للجنة «إبداعات عالمية»، والتي أسسها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في أواخر التسعينات في عهد الدكتور محمد رميحي، هذه السلسلة تعنى بترجمة الآداب من مختلف اللغات إلى اللغة العربية، وهي تباع إلى القارئ العربي بسعر زهيد لا يتناسب مع تكلفة ترجمتها وطباعتها وتوزيعها على مختلف الدول العربية وغير العربية.

هذه اللجنة تضم كفاءات جيدة تتعب في البحث عن مؤلفات قيمة وتتعب في فحصها ومراجعتها، وأنتجت اللجنة على مدى سنوات ما يقارب 386 كتاباً من سلسلة ابداعات عالمية.

وتعاني هذه السلسلة وغيرها من مطبوعات المجلس مثل الثقافة العالمية وعالم الفكر والمسرح العالمي من قلة الدعم والتشجيع من قبل الدولة، كما تتعرض إلى مناكفات بعض أعضاء مجلس الأمة الذين يستنكرون الميزانية المخصصة لهذه المطبوعات ولا يتفهمون الضرورة الاستراتيجية للثقافة وللدور الكبير والحيوي الذي كانت ولا تزال تقوم به الكويت في خدمة الثقافة العربية، في حين تهدر الأموال في رشاوى وشراء ذمم وفساد مستشر.

وعندما توقفت مطبوعات المجلس لمدة عام ونصف العام استنكر كثير من المثقفين العرب وأدركوا إضافة إلى بعض المظاهر الأخرى أن الكويت في انحدار وتدهور في جميع الجوانب ما دام خيارها رقم واحد وهو الثقافة قد تدهور بشكل مخجل بعدما كانت مصدر فخر للكويتيين وللعرب.

هذا الدور بدأت تلتقطه كل من الإمارات وقطر اللتين تنفقان مبالغ ضخمة على الثقافة والمطبوعات والترجمة، بعد أن راقبتا لعقود المكانة التي تبوأتها الكويت من خلال مطبوعاتها بدءا من مجلة العربي في أواخر خمسينات القرن الماضي حيث كانت البداية التثقيفية لكثير من المثقفين والمفكرين العرب.

وبغض النظر عن الاهمال الحكومي للثقافة في الكويت فإن هذه المطبوعات ذات القيمة الإبداعية والفكرية يجب أن تواكب العصر، فمن أجل مزيد من الانتشار لها يجب نشرها وبيعها ألكترونياً مثل كثير من المطبوعات العربية وغير العربية التي نشرت مطبوعاتها ومنذ أعدادها الأولى في القرن التاسع عشر بهذه الصيغة.

لم تفقد المطبوعات الورقية قيمتها بشكل كلي، لكنها في الطريق لفقد هذه القيمة عاجلاً أم آجلاً، فمعظم دور النشر العربية إن لم يكن كلها تبيع مطبوعاتها إلكترونياً كما تنشر مواد مطبوعاتها لتحميلها على أجهزة الكمبيوتر والآي باد وأجهزة الهواتف النقالة.

في رأيي أن انتهاء أو حتى ضعف المطبوعات الكويتية، هو ضعف وانتهاء لدورها الحضاري والذي اضطلعت به لقرن مضى، وإن إعادة الاعتبار والالتفات لها حكومياً هو جزء من إعادة الاعتبار لبناء الدولة الحديثة.





وليد الرجيب

[email protected]