عائشة عبدالمجيد العوضي / في العمق / الحقيقة الوحيدة!

1 يناير 1970 09:19 ص
مشكلات معلقة تنتظر الحلول فلا تُحل، ومشكلات جديدة ننتظر أن تُحل وكلنا أمل، كل الأشياء أصابها الغَبَش لا وضوح ولا شفافية ولا يقين! الحقيقة الوحيدة هي أننا نشهد تدهورا سريعا، وانحطاطا أخلاقيا صريحا، وخيانات على مستوى عال من الدناءة، وحب للذات وصل أعلى مراتب البشاعة!

هذه الحقيقة لم تُفاجئني كثيراً إذ ان مؤشراتها طفت على سطح الوطن منذ زمن، فما عدنا نلمس وجود أخلاق أصيلة ومبادئ متجذرة لدى أغلب رجالات بيت الأمة وحكومته! فكم من المواقف أثبتت تلك الحقيقة وأنبأت بها، وكم من الأحداث خيّبت الآمال وساء معها الحال، وأرى أن كل ذلك ما هو إلا ترجمة واقعية لتلك السُّنّة الكونية البشرية التي أشار إليها الدكتور عبدالكريم بكار في إحدى كتبه، والتي تبيّن بأن تعارض المصالح والمبادئ معقد ابتلاء ومفادها أنه من غير الممكن الجمع بين تحقيق أكبر قدر من المصالح والمحافظة التامة على صفاء المبادئ والقيم السامية، وبذلك كأن الإنسان يحاول الجمع بين ضدين وهذا مُحال، فمن المهم أن يروّض الإنسان نفسه على أن تكون مبادئه فوق مصالحه وأن يكون واعياً بأهمية التشبث بتلك المبادئ مُتيقظاً لاستجابات نفسه لمصالحها ليحرص على تهذيبها وتأديبها وتقويمها، وإلا فالنفس سريعة التفلّت وتحقيق المصالح لها أحب وأقرب من التمسّك بالمبادئ والقيم، ومن هنا كان معقد الابتلاء والصراع فإمّا مصالح وإما مبادئ!

ما سلف ذكره هو المأمول وما أكبر الفجوة بين الواقع والمأمول، وأقولها آسفة... تلك الفجوة باتساع طولاً وعرضاً! كيف لا ورجالاتنا يقدسون ثقافة الإثارة بعيداً عن الإنارة؟ كيف لا وثقافتهم هي ثقافة الضجيج والصوت دون ثقافة الجد والعمل؟ كيف لا واستسلامهم لمصالحهم الذاتية أرهق المصالح الوطنية؟ كيف لا وكل مبادئ الإنسانية نُسِفَت والنفوس من الماديات أُرهِقت والمعنويات انحدرت؟ ثم كانت النتيجة سلبٌ ونهبٌ وبيع ذمم وتراجع الهمم وتخييب الآمال وسوء المآل، نحن في أشد الافتقار إلى تلك النفوس الأبيّة المترفعة عن الشبهات التي لا تقبل الباطل ولاتستره فكيف هو حالنا ووطننا يتداول أموره أصحاب نفوس تقترف الباطل وتماطل وتكابر وتكذّب ولا تبالي... ومن ثم تطالبنا بأن نصدّق!

وبعد كل ذلك أقول... لا ينبغي أن نُهزم نفسياً أو أن نعتقد بزوال الحق، فالحق أبلج والباطل لجلج فمهما انتفخ الباطل وانتفش فهو إلى زوال، ومهما ذبل الحق وانزوى فإنه سيظهر، وجُل مانحتاجه هو معرفة أن حرب الباطل على الحق لها صورتان إحداهما كُتمان الحق والأخرى لبس الحق بالباطل، ومتى ما عمد رجالاتنا إلى إظهار الحق بحق دون خلط ومزج ولبس بيّنه بباطله، سنعيش حياة سويّة من السلب والنهب والخراب خالية، وستُعبَّد لنا للرقي طرقاً وللتقدم مسالك وستنتعش الكويت.





عائشة عبدالمجيد العوضي

[email protected]

Twitter: @3ysha_85