الرزمة السابعة منذ اندلاع «الانتفاضة» في مارس الماضي

السوريون يعيشون يومهم الأول في ظل العقوبات

1 يناير 1970 07:34 ص
عواصم - وكالات - عاش السوريون أمس يومهم الأول في ظل عقوبات غربية «مشددة»، دخلت أول من أمس حيز التنفيذ، بعد نشرها في الجريدة الرسمية الأوروبية.

وكانت دول الاتحاد الـ27 اتخذت الجمعة الماضي قرارات بفرض عقوبات على النظام السوري بسبب «استمرار الحملة الوحشية للنظام السوري ضد شعبه»، كما قالت وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين اشتون.

وكخطوة وقائية، فرضت دمشق أول من أمس حظرا على استيراد معظم السلع المصنعة في الخارج، عدا المواد الخام والحبوب، بهدف المحافظة على احتياطيات العملة الصعبة، خصوصا بعد فرض العقوبات والاضطرابات السياسية، التي تعيشها البلاد.

وتشهد سورية منذ مارس الماضي «انتفاضة شعبية»، واحتجاجات متصاعدة قتل فيها الآلاف، للمطالبة بالديمقراطية والإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.

وقال رجال أعمال وتجار في دمشق إن الحكومة قررت حظر جميع الواردات، التي تزيد رسومها الجمركية على خمسة في المئة، ما يعني كل البضائع الأجنبية من الأجهزة الكهربائية إلى السيارات والسلع الفاخرة.

لكن القرار يستثني المواد الخام الضرورية للصناعات المحلية، إضافة إلى مشتريات القمح والحبوب التي تنفذها الدولة لتلبية الاستهلاك المحلي.

ونقلت صحف سورية عن وزير الاقتصاد والتجارة محمد نضال الشعار قوله إن هذه الخطوة المفاجئة في بلد يستورد سلعا كمالية بمليارات الدولارات سنويا «وقائية وموقتة».

وقال إنها تهدف إلى الحفاظ على الاحتياطيات الاجنبية لدى البلاد، وإعادة توجيهها لصالح الفئات المحدودة الدخل بين السكان.

وأضاف أنها لن تؤثر على واردات المواد الخام أو المواد الغذائية وجميع السلع الأساسية، التي يحتاجها المواطنون في حياتهم اليومية.

وعلى مدى خمس سنوات، قبل تفجر المظاهرات، رفعت السلطات حظرا على النمط السوفيتي الذي كان مفروضا على الاستيراد، لكنها فرضت رسوما عالية. غير أن الخطوة لم تخفف الطلب على الواردات ولا سيما السيارات، التي بدأت تدخل البلد للمرة الأولى منذ عقود.

وقبل العام 2000 كان السوريون يشترون السيارات الخاصة، وكثيرا من السلع الفاخرة، من خلال شركات تديرها الدولة.

وقال التجار إن حظر الاستيراد أحدث صدمة في مجتمع الاعمال بالبلاد، ومن المتوقع أن يزيد الضغوط التضخمية ويلحق مزيدا من الضرر بثقة الشركات المتأثرة سلبا بالفعل من جراء الاضطرابات الاجتماعية.

وقال تاجر سيارات في منطقة السبع بحرات التجارية بدمشق طالبا عدم الكشف عن هويته: «لا يوجد بيع أو شراء والوضع سيئ حتى أن التجار ورجال الأعمال لا يبيعون نقدا أو بالائتمان. أسعار البضائع الأجنبية الموجودة ستقفز».

وقال رجل أعمال آخر في حي الحلبوني بالعاصمة: «هذه الخطوة ستزيد فقط الوضع سوءا وستزيد عدم اليقين»، مضيفا أن المستثمرين والتجار يتخذون موقف الانتظار والترقب.

وأضاف: «أنهم يقبضون أيديهم ولا يشترون أي بضائع بل يجلسون وينتظرون لكنهم ليسوا في حالة ذعر حتى الان».

وقال رجال أعمال إن الاقتصاد يواجه ضغوطا في سوق الصرف نتيجة للاحتجاجات، ما قد يستنزف الاحتياطيات الاجنبية، التي كانت نحو 18 مليار دولار في وقت سابق من العام الحالي.

وقال اقتصاديون ومصرفيون إن الاحتياطيات تتراجع مع قيام البنك المركزي بضخ العملة الصعبة لوقف تراجع سعر صرف الليرة السورية في السوق السوداء.

ويبلغ سعر الصرف الرسمي 47.4 ليرة للدولار. لكن الدولار متداول بسعر 51 ليرة وأكثر في السوق السوداء.

وتأثر الاقتصاد السوري سلبا جراء عقوبات دولية للضغط على الأسد تشمل حظر صادرات النفط السورية إلى الاتحاد الأوروبي.

وقال محللون في سورية إن الاستثمار الأجنبي تراجع بدرجة كبيرة.

وقال اقتصاديون ورجال أعمال إن الاضطرابات وتضرر الانتاجية في صناعات حيوية وجها ضربة مؤثرة إلى اقتصاد البلد، وخصوصا صناعة مزدهرة كالسياحة كما تأثرت الواردات.

وتوقع صندوق النقد الدولي الاسبوع الماضي انكماش اقتصاد سورية 2 في المئة العام الحالي، مخفضا توقعاته السابقة للنمو، التي أصدرها في ابريل والبالغة 3 في المئة بسبب الصراعات والاضطرابات الاجتماعية التي تجتاح المنطقة.

وفي سياق العقوبات الغربية على دمشق، فإن شخصين وست شركات سيضافون إلى لائحة العقوبات الأوروبية، التي تتضمن تجميد أرصدة ومنع تأشيرات الدخول. وباتت العقوبات تستهدف بالإجمال 56 شخصا و18 شركة.

وذكرت وزارة الخارجية الفرنسية أن الشخصين المستهدفين هما وزيرا العدل والإعلام السوريان.

وشملت العقوبات، وزير العدل تيسير قلا عواد، «لأنه أيد سياسات وممارسات التوقيف والسجن التعسفي»، أما وزير الإعلام عدنان حسن محمود فقد استهدف لأنه ساهم في «السياسة الإعلامية» للنظام السوري.

ومن الشركات الست المعاقبة، ثلاث يملكها رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يعاقب بصورة فردية منذ يوليو، وهي «شام هولدينغ»، أول شركة قابضة في سورية تستفيد من سياسات النظام وتؤيدها»، وشركة صروح، التي تمول استثمارات في الصناعة العسكرية السورية وشركة «سيرياتل» للاتصالات التي «تدفع 50 في المئة من أرباحها إلى الحكومة عبر عقد الإجازة»، كما يقول الاتحاد الاوروبي.

والشركات الثلاث الأخرى هي قناة دنيا التلفزيونية، التي «شجعت على العنف ضد السكان»، وشركة «ال تل كو»، التي تزود الجيش بأجهزة اتصال وشركة «راماك» للبناء، المختصة بتشييد الثكنات.

وهذه الرزمة من العقوبات هي السابعة، التي يفرضها الاتحاد الاوروبي على النظام السوري الذي تتهمه الدول الغربية بقمع الاحتجاجات في شكل دام.

وأسفرت أعمال القمع هذه عن أكثر من 2700 قتيل منذ منتصف مارس، وفق الأمم المتحدة.