وليد الرجيب / أصبوحة / الإدارة الذكية للجماهير

1 يناير 1970 04:22 م
قبل يومين كنت استمع إلى إذاعة الكويت التي كانت تجري مقابلات على الهواء مباشرة مع الجمهور في الأماكن العامة، حول ما يحدث في الكويت هذه الأيام، وكانت معظم ردود الناس باتجاه «نحن لا نريد مجلس أمة فلدينا آل الصباح يحكموننا»، وعندما أدرت المذياع إلى محطة مارينا إف إم وجدت برنامجاً شـــــبيهاً وأسئلة شـــــبيهة وإجـــــابات شـــــبيهة «نحن لا نحتاج إلى مجلس أمة ونحن بخير من دونه».

وبالطبع هي ليست المرة الأولى التي يدفع فيها الناس البسطاء بالكفر بالديموقراطية، فهم ببساطتهم يخلطون بين النواب الفاسدين وبين الديموقراطية، وهذا بالضبط ما يسعى إليه النهج السلطوي أي هو ضرر الديموقراطية على المجتمع الكويتي.

في ظل هذا الاستياء والخلط تحتاج القوى الوطنية والديموقراطية إلى توعية وتعبئة وشرح وبلورة رأي عام حول الفرق بين فساد النواب وخيانتهم لممثليهم وبين الديموقراطية كمكتسب شعبي كويتي تمت المطالبة به منذ العام 1921.

وأيضاً في ظل ذلك تصبح المطالبة بحل المجلس وأقصد فقط الدعوة كشعار تكتيكي غير مناسبة بل إن التكتيك والأولوية هي توعية وتعبئة وتحريض الجماهير على من تسبب بهذا الفساد أي على النهج السلطوي وعلى الخلل البنيوي والتناقض الفج بين هذا النهج وبين الاتجاه لبناء كويت التقدم والتنمية.

نعلم أن هذا المجلس سيحل وعلى الناس ألا يركزوا عداءهم على العملية الديموقراطية، بل على حسن اختيار نوابهم الأكفاء والنزيهين والوطنيين، فكثير من الأعراض المرضية لا تؤخذ بالتشخيص السطحي بل بالمسببات الأعمق.

وهنا نحن لا نقدس المجلس ولا ديموقراطية الحد الأدنى ولا نخطئ حل المجلس من أجل اصلاح سياسي أو دستوري خاصة عندما تكون الأزمة قد أزكمت الأنوف أو أصبحت في طريق مسدود والاتجاه لعدم الدعوة لحل المجلس لا يخضع للموقف الفكري بل للموقف السياسي البراغماتي.

إن القوى السياسية وحتى المتقاربة فكرياً تختلف وتتباين في نواياها وفي تحليلاتها، وقد ثبت ذلك في التجمع الجماهيري الناجح بساحة الإرادة يوم الاربعاء الماضي، فالبعض استفاد منه للتكسب الانتخابي، والبعض طالب بحل اسلامي، وحيث ان كل القوى السياسية تستند إلى جمهورها ومؤيديها فلا بد من اختلاف التوجهات في القضية الوطنية الرئيسية وهذا ما نشهده في الثورات العربية.

إن الجماهير تحتاج من أجل قيادتها إلى قوى سياسية تأخذها من يدها من خلال تفهم مزاجها ووعيها بالواقع والحدث، وإن أصعب نضال هو نضال أي قوى سياسية في مجتمع جاهل ومتخلف على سبيل المثال، كما أن أي نضال لا يبدأ من فوق بل يبدأ من أسفل ومن خلال القواعد الجماهيرية.





وليد الرجيب

[email protected]