الصناديق السيادية تتحوّل إلى الداخل: ماذا بقي للاستثمار الدولي؟

1 يناير 1970 08:52 م
| إعداد محمد الحايك |

تعتزم حكومات دول الخليج إنفاق المزيد من الأموال محلياً لهذا العام، كما أنها ستحاول استرضاء مواطنيها من خلال خلق المزيد من فرص العمل ومشاريع البنى التحتية.

وبالنظر إلى أسعار النفط الحالية، يرى المحللون أن ذلك قد يعني استثمارات أقل لهذه الدول في الخارج، أو اتباع مقاربة أكثر تركيزا في الاستثمار الأجنبي.

من الصعب التعميم بشأن صناديق الثروة السيادية في المنطقة، فجهاز قطر للاستثمار تنفق بشكل مختلف تماما عن نظيرتها في أبو ظبي، في حين أن المملكة العربية السعودية تستثمر معظم الاستثمارات السيادية من خلال مصرفها المركزي.

هناك عاملان قد يؤثران على خطط الانفاق الحكومي وهما: الحاجة إلى ارضاء المواطنين، وأسعار النفط.

ويقول راشيل زمبا وهو احد خبراء العاملين في مركز روبيني العالمي للثروات السيادية إن «الامر الأكثر أهمية في الربيع العربي هو أن الزيادة في الإنفاق الحكومي يحد من الفائض لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يعني وجود عدد أقل من الموارد اللازمة للاستثمار في الخارج». ويضيف «بدلا من ذلك، قد تصبح الحكومات والصناديق نفسها، لاسيما عائدات التنمية، تحت ضغط كبير للاستثمار في مشاريع بالداخل».

المملكة العربية السعودية، وهي اكبر اقتصاد في العالم العربي، تقود هذا التوجه في الانفاق الحكومي مع وجود خطط موضوعة لتتجاوز الميزانية لهذا العام بنحو 40 في المئة، بينما في بلدان الخليجية الاخرى كالبحرين وسلطنة عمان، اجبرت الاضطربات السياسية والاجتماعية حكومات هذه الدول على منح المزيد من الجهود لشعوبها.

وقد قامت الحكومة القطرية أخيراً برفع مرتبات الموظفين في القطاع الرسمي بنسبة تراوحت بين 50 و120 في المئة، علاوة على ذلك ستنفق قطر وفق تقديرات «موديز» نحو 57 مليار دولار خلال العقد القادم تحضيراً لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، علماً انها استخدمت ايضا احتياطاتها السيادية لدعم القطاع المصرفي في البلاد.

في أبو ظبي، أعيد تموضع الأذرعة الاستثمارية للإمارة مثل شركة «مبادلة للتنمية» لدعم الشركات المحلية، مثل «الدار العقارية»، وهي شركة عقارية محلية الى جانب شركة «تبريد»، وهي شركة تبريد المناطق.

كل هذا الإنفاق في الداخل لا يعني أن الاستثمارات السيادية المكلفة او الكبيرة في الخارج سيتغير مسارها فجأة. ولكنه يعني أن الاعتمادات المخصصة لها ستكون اقل. وقد تعهدت دول الخليج بتقديم مليارات الدولارات الى كل من مصر وتونس.

يقول رئيس أبحاث الأسواق الناشئة في أوروبا «نومورا» آن وايمن ان الصناديق السيادية الخليجية تقوم بمسح المنطقة بحثاً عن فرص للاستثمار في مرحلة ما بعد الثورة الاقتصادية، لأنهم يعرفون اقتصادات المنطقة بشكل جيد جدا، لاسيما وأنها قد تكون مستعدة بشكل أفضل للاستفادة من الفرص عند نشوئها.

على الرغم من أزمة الديون التي تعصف بالقارة الأوروبية ومن خلفها خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، فان الصناديق لاتزال نشطة للغاية في الخارج.

خلال الشهر الماضي، اعلن صندوق قطر عن تقديم 500 مليون يورو أي 680 مليون دولار لدعم اندماج اثنين من البنوك اليونانية، وفي الشهر نفسه استثمرت احدى الشركات القطرية المدعومة نحو 872 مليون دولار في القرية الاولمبية في لندن.

علاوة على ذلك، وعلى الرغم من خطط الإنفاق الكبرى، فإن المملكة العربية السعودية لاتزال تستقطب الأصول الأجنبية، وهو ما دفع هذه الاصول لتتجاوز حاجز الـ 500 مليار دولار للمرة الأولى في شهر يوليو.

ويعتقد أن المملكة العربية السعودية هي احدى ابرز الدول التي تحتفظ بسندات الخزانة الأميركية.

ويرى رئيس وحدة الابحاث في شركة جدوى ومقرها الرياض «بول غامبل» ان النمو ربما يعتمد على ارتفاع عائدات الحكومة وليس على تقليص حجم الانفاق فقط.

ويقول غامبل ايضا انه ووفقاً للتقديرات، فإن انتاج المملكة من النفط بلغ اعلى مستوى له على الاطلاق في يونيو وذلك في ظل الاضطربات الحالية في منطقة الشرق الاوسط.

في المقابل، في أبو ظبي اشترت شركة الاستثمارات البترولية الاماراتية الدولية في فبراير الماضي شركة النفط الاسبانية «سيبسا» بنحو 3.7 مليار دولار، ما يدل على أن الاستثمار في الخارج على مطروحاً على الطاولة.

وعلى الرغم من موجة التقلبات في اسعار الدولار، يستبعد محللون ان تقوم دول الخليج بتغيير ارتباط استثماراتها بعيداً عن الدولار على الاقل في المدى المنظور.

«بالفعل لقد تنوعت جميع الأموال - حيث امكن ذلك - ولكن تبقى المشكلة، من أين لك امكانية التنويع؟»

«اليورو» هو الاخر له يعاني مشاكل أيضا، وحتى أكثر، نظراً للخطر المتصاعد المتمثل في الانقسام على المدى المتوسط من جهة وضعف النمو الاقتصادي من جهة ثانية، خصوصاً ان العملات في الأسواق الناشئة لا تميل الى أن تكون قابلة للتحويل. فمثلاً عملات الفرنك السويسري والدولار الكندي والاسترالي دولار استرالي كبيرة بما فيه الكفاية وذلك كما تقول السيدة «زمبا».

عملات دول الخليج، باستثناء الكويت، مرتبطة بالدولار الأميركي ما يعني أن لدى هذه الدول حوافز لدعم هذه العملة وذلك لصالح اقتصادياتها.

خلاصة القول، انه على الرغم من زيادة الاستثمار داخلياً، فإن الاستثمارات الدولية ما زالت قائمة، وإن بوتيرة أبطأ مما كانت عليه خلال سنوات الطفرة.