لا يوجد عاقل يثني على أداء الحكومة أو ينكر تخبطها في جميع المجالات من دون استثناء، وهذه نتيجة طبيعية لحكومة تُركت للطامعين وأصحاب النفوس الضعيفة ممن يريدون نهب خيرات البلد والفوز بأكبر مكاسب سياسية حتى يقفوا في جانبها. ومسألة ظهور الشيكات المليونية بالنسبة لي أمر غير مستغرب، ولكن الغريب في الأمر أن الكل أصبح يقاتل لمصالحه الشخصية من دون اعتبار لهيبة بلد أو حتى نظرة مستقبلية لكويت الغد وكأننا في دولة مؤقتة الكل يحاول أن يخرج منها بغنائم مادية ومعنوية، وحكومتنا تهدر الدموع على ضعفها وقلة حيلتها وشعار ما نعيشه اليوم هو «مكاسبنا الانتخابية بين الواقع والطموح». حتى أن النقابات دخلت على خط النار وصارت تطالب بزيادات مالية منها مستحق ومنها غير مستحق. المهم حالنا من حال الجماعة وما أعجبني في الأمر هو تصرف الإخوان في الطوارئ الطبية وطريقة التعبير عن مطالبهم بالزيادة عندما وضعوا لافتة على صدورهم (أليس لنا حقوق؟) وحافظوا على عملهم لحساسيته وهذا شيء يشكرون عليه.
تغيير يوم الاعتصامات الشبابية بحضور أعضاء مجلس الأمة من الجمعة إلى الأربعاء هو إجراء تكتيكي لفك ارتباطه بجمعة الربيع العربي على الرغم من اختلافه الكلي عن الحالة السياسية الكويتية، ولكن يبدو لي هذا التغيير هو لتفويت الفرصة على المتصيدين في الماء العكر، وكم أتمنى أن تخلو هذه الاعتصامات من أصحاب الأجندات الخاصة وبعض المرتزقة ممن أخذوا مناقصات قرطاسية على حساب ميزانية التنمية حتى على الأقل لا نشك بمصداقية هذه الجموع، وإن كنا ننكر التصرفات الحكومية إلا أننا في الوقت نفسه ننكر بعض التصرفات النيابية التي تحاول التكسب الانتخابي على حساب عقولنا لأننا ننظر بعينين أثنتين... عين على الحكومة وفشلها المستمر، وعين أخرى على النواب الذين لهم مواقف سيئة تجاه الشعب والدستور، ومسألة الوقوف في خندق واحد لإسقاط الحكومة من دون التخطيط للمستقبل فهذا خطأ كبير له تبعات خطيرة على البلد.
من الواجب علينا جميعاً نواباً ونقابات وحتى إعلاما أن نوحد الصفوف لمعرفة واجباتنا قبل حقوقنا حتى على الأقل نحصن أنفسنا ووطننا من الانزلاق في أي هاوية، وأن يكون همنا هو رفعة الكويت، ومسألة المطالبة بالحقوق دائماً من دون النظر بعين الاعتبار إلى واجباتنا خلقت لنا حالة من الفوضى والقصور أصبحنا نتعايش معها كل يوم، وأتحدى أن يكون هناك مواطن واحد راض عن الواقع الذي يعيشه رغم ما نمتلكه من ثروات طبيعية وحتى بشرية، ومسألة الإيمان بتطوير البلد وتخليصه من الفساد لا يأتي من خلال التنظير ولكن السبيل الوحيد هو العمل بجد من دون النظر إلى مصالح مادية أو معنوية حتى نحظى بحكومة قوية تواكب تطلعات وقدرات مواطنيها، ومجلس منتخب لا يسعى في يوم من الأيام لإرضاء ناخبيه من خلال المعاملات أو غيرها وإنما من خلال ما يقدمه من تشريعات تعود على البلد وأهله بالنفع ورقابة يساءل عنها في كل يوم بدلاً من سؤاله عن معاملة هنا أو هناك، لأن تغيير العقلية الحكومية أو حتى النيابية لا يكون إلا بتغيير عقلية المواطن... فالأمة هي مصدر السلطات جميعاً.
إضاءة
إننا في الكويت بكل بساطة نعاني من أزمة ثقافة متى تغيرت تغير كل شيء في بلدنا الحبيب.
مشعل الفراج الظفيري
كاتب كويتي
[email protected]