اكتشفت القهوة في اليمن من خلال أحد الرعاة
مونس العنزي: قبل نصف قرن من الزمان بدأت رحلتي مع جمع الدلال واقتنائها
1 يناير 1970
06:29 م
إعداد سعود الديحاني
كل إنسان له ميول وهواية يدفع لتحقيقها حبه لها تراه يبذل الغالي والنفيس. بوممدوح كان دلال القهوة العربية وقع في نفسه منذ ان رآها في مجلس الشيخ فواز الشعلان وكان ذلك قبل نصف قرن يحدثنا عن تفاصيل قصته مع الدلال وأنواعها حيث يسهب لنا الحديث عنها ثم يتطرق الى مكان تواجدها في الماضي وما أفضل أنواعها وأسمائها. عزيزي القارئ فلنترك العم مونس العنزي (بوممدوح) يحدثنا عن ذلك:
القهوة كان محل اكتشافها في اليمن حيث لاحظ احد الرعاة في قطيع لمعز نشاطا وحركا في بهمه المعز حيثما أكل من نبتة كانت في مقر مرعاه فعلم ان هذا النبت له اثر في حركات وقفزات المعز وهو يقال له الشاذلي وهذه القصة معروفة... اما انا فإن قصتي مع الدلال وجمعها حدثت عندما كنت أقوم بواجب العزاء لأحد شيوخ عنزة وهو الشيخ فواز الشعلان رحمه الله وحين تقديم واجب العزاء ولم نكن نعرف مكان تواجد العزاء فسألنا رجلا يطلق عليه «بودخانين» لأنه كان يعمل القهوة الصبح والعصر فيشاهد الدخان الذي يخرج من النار التي يعد بها القهوة جئناه وسلمنا عليه وقد اخذ يرحب بنا (يالله حيهم ياالله حيهم) ولم يكن له بنا معرفة سلمنا عليه وأخبرناه اننا نريد محل تقديم واجب العزاء في الشيخ فواز الشعلان لأننا لا نعرف المكان فقال لنا سوف ارشدكم الى المكان الذي تريدون لكن بعدما تشربون القهوة وتتناولون الغداء عندنا قلنا له اننا جئنا من اجل تقديم واجب، قال: العزاء وقت العصر.
والآن هو وقت الظهيرة ذهبنا منه الى السوق وأرشدنا على مكان العزاء ثم رجعنا اليه وأخذنا الى مكان العزاء وحينما قدمنا الواجب رأيت الدلال التي في «الوجار» فإذا هي 27 دلة والخدم التي حولها 16 وكان منهم ثماني دلال ممتلئة بجوار الحفرة وكانت من صناعة رسلان وقد تولع قلبي بهذه الدلال ومن تلك الزيارة عشقت الدلال وصممت ان أجمع مثلها عندما يكون لي بيت.
رسلان
رسلان هو رجل سوري وعلى حسب قول الراوي والله اعلم ان له اكثر من 300 سنة جاء رجل بدوي من بادية الشام وجعل دله له عند رجل امانة والامانة لها شأن كبير قال له هذه امانة عندك وأنا ذاهب الى الحج شهر ونصف الشهر ذهابا والعودة مثلها ايضا فرآها هذا الشخص المؤتمن وأخذ يصنع ويعمل مثلها فكرر عمله مرتين وفي الثالثة نجح بأن يصنع مثل هذه الدلة لكن صنعته لهذه الدلة صارت افضل من تلك التي اخذ منها الشكل والهيئة ثم صارت لها شهرة رسلان وان كان هناك دلال افضل منها بعمل القهوة لكن رسلان بالشكل والهيئة أجمل حينما تكون على اوجار محاذية للنار تعطي رونق وجمال هيئة وشكل يجذب النظر كأنها المرأة الجميلة «المزيونة»... والرسلان هي ذات احجام كثيرة متوسطة وصغيرة وكبيرة وهناك دلة مهدي صالح وهي من العراق وأيضا جيدة لكن رسلان موطنها سورية ومهدي صالح بغداد وليس هناك فروق كثيرة. ليس هناك فروق كثيرة بين دلة رسلان ومهدي صالح.
البداية
ومن سنة 1959 في شهر الصفري الذي شهر تسعة وأنا محب للدلال وجمع مقتنياتها ولكن سنة 1964 قمت بالشراء والجمع والاطلاع على مكان تواجد بيعها.
الدلة
الدلة أطلق عليها هذا الاسم لأنها تدل من تناول القهوة بها ولابد لصاحب البيت ان يكون عنده دلال لعمل القهوة فهي تجعل للرجل احتراما وهي كذلك يطلق عليها مونسة فالشاعر العنزي يقول:
خلك عند مونسة وادغث الهيل
وغير ام عايد لا تدور البدايل
مزعل
ليس هناك فروق بين دلة مهدي صالح ورسلان لكنها في دلة رسلان القهوة إذا جعلت اكثر من خمس ساعات يتغير طعمها اما مهدي صالح إذا كانت «مربوبة» لا يتغير طعمها وكل احجامها متقاربة. وهناك دلة سورية الصنع لكن صنعها يدوي في اليد تستخدم المطارق بصنعها ويستمر عملها وصناعتها 19 يوما وهي يطلق عليها مزعل وهي من اقدم الدلال انتشارا ومعروفة بصغر قاعتها وتصنع من النحاس كغيرها من الدلال.
الحساوية
والدلة الحساوية هي مصدرها الاحساء لكن صناعتها وشهرتها اتت من سورية حيث اتقنت هناك والمشهور في الدول العربية بصنع الدلال دولتان سورية والعراق وليس هناك صناعة دلال في مصر ومغرب حتى السعودية لم تكن تعرف هذه الصناعة الا قبل 55 عاما اخذت تصنع بحائل ودلال طيبة. الدلة ذات حجم كبير يطلق عليها قمقم وقد تكون ذات كبير وهي ما يطبخ بها القهوة ولها اسم في السعودية وهو ملقامه وللطبخ ثم تصب القهوة في دلة اخرى يطلق عليها مبهارة.
الشتى
ما يوضع به الفناجيل هو المقم الذي يقم الفناجيل ويطلق عليه في الخليج الشتى وهو يحافظ على الفناجيل لانه من نحاس.
الشيخ
كانت القهوة في الزمن الماضي ليست متوافرة عند جميع الناس وكانت مقتصرة على الشيوخ، شيخ القبيلة والجماعة حيث يجتمعون عنده من اجل الحديث عن شؤونهم وما يختص بحياتهم وتشاور وابداء الرأي.
العرب
العرب والامة العربية هي موطن الصناعة والثقافة والريادة والحضارة ولا يزال الخير بها هي منبع الحضارات.
الشراء
شراء الدلال محله السوق والحراج وبه انواع كثيرة غالية ورخيصة وكانت تباع جملة خمس دلال ومعهم نجرهم وانا من حبي إلى جمع الدلال واقتنائها إذا اعجبت بدلة معينة اشتريتها مهما كان الثمن ولا اتردد وهذا الذي جعل عندي هذا المتحف الكم الكبير من المقتنيات الخاصة في الدلال وانواعها وما يتعلق بها من مستلزمات كالنجور والمحاميس.
الصوت
كان في الماضي هناك ارتباط بين النجر والقهوة فصوت النجر حينما يدق يعرف ان صاحب هذا النجر سوف يعمل القهـــــــــوة... وهناك قهوة خفيفة وثقيلة والثقيلة لابد خبوه وليس بها هيل لكن الخفيفة هي التي بها هيل... والقهوة من المحماس والدلة من صاحبها وراعي الدلال هو مسمار في مكانة لا ينتقل مثل اليوم كاسبوع وكل يوم القهوة في موعدها ديوانية فلان هذا ليس صاحب قهوة... بل صاحب القهوة مسمار وثابت في محله عند قهوته ودلالة ولا يذهب الا ضرورة.... وانا إذا اشتريت دلة انبسط وافرح بذلك الشراء... واذكر أنني اردت أن اشتري دلة احد الاشخاص وكان ثمنها 40 ديناراً كويتياً وعندما اعطيته المبلغ رفض وهي دلة مبهاره نوعها حساوية ولم استطع ان اقود السيارة وارجع إلى بيتي وكان معي عبدالرحمن الدوسري رحمه الله توفي اثناء الغزو في السعودية وهو صديق لي ونعم الرجل لاحظ أنني صدمت رصيف الشارع فقال لي ماذا بك قلت يابو ناهض اخذ السيارة وقد السيارة بدل مني فقال كل ذلك من اجل الدلة التي رجع صاحبها في بيعها لك ارجع اليه مرة ثانية وسوف نأخذها أما بناموس او دبوس اترك الامر لي فعدنا اليه الساعة عشرة ونصف إلى بيته وطرقنا الباب وقلنا له نريد الدلة اما بناموس او دبوس فقال بل بناموس ناموس اعطني 40 دينارا واخذنا الدلة واشترينا الدلة ثم قال صاحبي لي وهو بوناهض عبدالرحمن الدوسري الان هل تستطيع ان تقود السيارة؟ قلت له نعم الآن على الكيف.
الجسمي
قبل الغزو ذهبت إلى السوق اشتري بشتا اصليا نجفيا بـ 150 دينارا كويتيا وجئت إلى عبدالله الجسمي ووجدت عند دلة وكان المبلغ الذي عندي 30 دينارا كويتيا وقد عرض عليّ الدلة التي عنده وكانت من نوع القمقم السوداء بمبلغ 80 دينارا كويتيا وقال لي يا بوممدوح لك نصف ساعة توفر لي المبلغ قلت له لا يكفي نصف ساعة ان اذهب إلى بيتي وآتي ببقية المبلغ فقال رجل جالس عنده نعم لا يكفي اعطه ساعة كاملة، قال له ساعة كاملة ذهبت بسرعة واتي ببقية المبلغ وانا قلق ان الوقت المحدد ينقضي لكن اتيت ببقية الفلوس قبل اتمام الوقت وهو ساعة.
ألوان
الدلال لها الوان تختلف عن بعضها كل لها لون صفراء وبيضاء وسوداء وهي ارغب. عندي دلال من احجام وانواع لا توجد عند غيري، الناس قد تكون عندهم دلال لكن عندي انا دلال جمعتها واشتريتها هي من النوادر لا توجد عند احد، وقد جاءني احد شيوخ الامارات وقال اخذ شيك قلت لو ملايين الملايين لا ابيع.
القطع
والدلة هي سبع قطع العرقوب والعنقود والتركية ويطلق عليها العقرباء والغطاء ثم اللهات في داخل جوف الدلة ثم الخشم او الانف وهي قطعة متكاملة صنعة واحدة.
قد ارى دلة وتعجبني ثم يشتريها غيري ثم بعد وقت اجدها مرة اخرى فأقوم واشتريها مثل الناقة تباع ثم يشتريها صاحبها مرة اخرى وانا اغلى دلة اشتريتها 2330 دينارا كويتيا وانا اشتريت بألف ومئتين ومبالغ اخرى ايضا والنجور كذلك اشتري بمبالغ، اشتريت نجرا له خرز بـ 500 دينار وكذلك 450 دينارا كويتيا والنجر النحاس افضل من الخشب لكن القهوة طعمها عندما تدق بنجر الخشب افضل خصوصا إذا كان من شجر السويد... اليوم انا اكثر هاو يجمع دلالاً ليس اكثر مني فيها الدول الا تركيا فيها متاحف كثيرة وكثير من الزوار سواء من الكويت وخارجها يأتون إلى متحفي وديوانيتي وهناك لقاءات في تلفزيون والصحافة كثيرة... وأنا يعرفونني من يعملون في بيع التحف والانتيك إذا وجدوا دلالاً او دلة نوعها ممتاز جاؤوني بانفسهم إلى بيتي وعرضوها عليّ لانهم يعرفون أنني اهتم باقتناء الدلال... والدلة هي مثل الحلال الغالي لا يفرط بها وانا عرض عليّ ستة ملايين ريال في متحفي لكن رفضت هذا العرض ويوم الغزو الذي حفظ سفينة نوح عليه السلام، فالله سبحانه وتعالى حفظ لي هذا المتحف لانه حلال ليس به إلا ما يرضي الله به سبحانه وتعالى جمعته من حلال عرق جبيني.
كل أولادي يهتمون في المتحف وهم يأتون بالقهوة النيبارية والتمر لكن فواز هو اكثرهم اهتماما في الدلال وانا عندي الدلال والنجور والمحاميس وملتزماتها اكثر من 40 ألفاً من التحف المتعلقة في الدلال.
أنا
أنا من يعمل القهوة بنفسي واحمس القهوة بيدي ولا اجعل احدا غيري يعملها.
نزوى
عندي دلة اطلقت عليها اسم نزوى وهي دلة سورية الصنع واشتريتها من قحطاني يقال له بو محمد وقد جاء بها من منطقة اسمها نزوى تبعد 2000 كيلو من الكويت وقد اشتريتها منه بمبلغ قدره 500 ريال وبعد يومين جاء وتقهوى عندي وقال بكم تبيع هذه الدلة التي تقهوينا منها قلت له كم تقول بها قال اسومها بألف ريال قلت انها ليست للبيع قال لماذا قلت أنني اشتريتها من احد الاشخاص بـ 500 ريال لماذا ابيعها بـ 1000 اتربح منها هذا المبلغ انا لا ابيعها وهذه ترى هي دلة التي اشتريتها منك قال انا اخو من طاع الله قلت وانت اخ من طاع الله هذه دلتك التي اشتريتها منك انت لا تعرف الدلال قال انا فعلا لا اعرف الدلال ثم قلت له انا لا ابيعها مهما كان المبلغ لن ابيعها وهذه الدلة من صنع سورية ومنقوشة صفراء وكان ابو هليبه جاعد رحمه الله بومسلط كلما جاءني قال قهوني من نزوى.< p>