بينما يجتمع نوابنا الأتقياء في الساحات العامة هاتفين صارخين بسقوط الرئيس متبادلين التهم بالتقصير والارتشاء، وأكثرهم يطبق المثل القائل «لاعطوك الشيوخ مرق... حطه بشليلك»، مغمضين الأعين، صامين الآذان عن الخطر الحقيقي، ويلتف نوابنا الأبطال حول سفارات الدول الشقيقة والحليفة والصديقة متدخلين في شؤون خارجية ليست من اختصاصهم، مهددين مصالح البلد وعلاقاتها الطيبة مع تلك الدول، ولم يقف أحد منهم أمام سفارة من يهددنا ويشتمنا كل صباح... ساسة وشعب، فهل أصبنا بعمى أخطار؟ وصمم إدراك!
العراقيون يهددوننا بالقصف والتدمير وإعادة احتلال بلادنا، ويستهزئون بنا ويصفوننا بالنواعم والأقزام، ويأمروننا بالخضوع والطاعة لهم، سفيرهم لدينا يسير بيننا معززاً مكرماً كما لو كان فاتحاً عظيماً، بينما سفيرنا في بغداد لا يكاد يخرج من منزله إلا كالخارج في مهمة انتحارية، ويسيرون المظاهرات في المدن والقرى ضدنا، ويصدرون الفتاوى بقتلنا، ويحشدون الرعاع على حدودنا لتكسير الاشارات الحدودية بيننا وبينهم، مطالبين بإعادة ترسيم الحدود، ونحن نسأل أسئلة نعرف إجابتها، مثل: من دفع ومن قبض، ومن الطالح ومن الصالح؟ تذكرنا بأسئلة بيزنطية كسؤال من أتى قبل... البيضة أم الدجاجة؟ هل الملائكة ذكور أم إناث؟ وما أضاع بيزنطة إلا كهذه الأسئلة، وأخشى على بلدنا من المصير نفسه.
يا نوابنا «المفوهين»... لقد مللنا من معارككم الصوتية التي لا تحقق أي انتصار، ويا حكومتنا الرشيدة... مللنا من صمتكم الرهيب الذي يوحي لنا بعجزكم التام عن المقدرة على قيادة البلد نحو بر الأمان، فارحلوا جميعاً، ولنبدأ من جديد بوجوه جديدة وأيد طاهرة وقلوب نقية، تقية، تخلو من الحقد أو الطمع، وضمائر لم تلوثها الملايين أو المناقصات.
إضاءة
أبيات أرسلها لي الشاعر المبدع صالح مصلح الحربي أنشرها لعلها تنبه بالخطر الحقيقي الذي تواجهه الكويت:
تاكل الزاهدي والا بصل
تحب كوعك ولا تطول الكويت
انت مالك أصل ولا فصل
طول عمرك مشتت بالمبيت
ما بك من المروءة والخصل
دار غدر وخيانة لا عليت
جمرة في لسانك لك مصل
ذوقها كل ما منا انكويت
ضاع حلقك وصوتك ما وصل
روح فجر بنفسك ديناميت
مبارك المعوشرجي
كاتب كويتي
[email protected]