قدم الناطق الرسمي باسم الحكومة الوزير الراشد أفضل خدمة للتجمع الذي سيعقد اليوم في ساحة الإرادة تحت شعار «إسقاط الراشي والمرتشي» والذي دعا له تجمع «نهج» وبقية القوى الوطنية.
فمن خلال اللقاء الذي أجرته معه قناة «الراي» أدلى الراشد بتصريحات عدة، أراد من خلالها الدفاع عن الحكومة فصار وضعه كمن أراد أن يكحلها فعماها.
فالوزير لم يكن موفقاً في ردوده بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فبدلاً من الحديث عن خطورة الرشوة وغسيل الأموال وأثرها على أخلاق وسلوكيات المجتمع، أخذ يتهجم على من سرب المعلومات، وبأن فعله جريمة يعاقب عليها القانون.
وتكرر الأمر في دفاعه عن رئيس الوزراء، حين أشار إلى أنه حاز على دعم أغلبية أعضاء المجلس ثم تهجم على زملائه قائلاً «لأجل الأقلية نتخلى عن الديموقراطية، أو لأن فلانا لم يعط منصباً معيناً لأخيه أو يسافر للعلاج في الخارج». والوزير يعلم أن كثيرا من الولاءات تم كسبها بهذا الأسلوب، والراشد يعلم أن كثيراً من مصالح الناس معطلة، والمشاريع متوقفة أو متأخرة كالمدينة الجامعية ومستشفى جابر وغيرها الكثير، مشاكل التوظيف، مشاكل الفساد الإداري والمالي الذي تعانيه كثير من الوزارات، أليس هذا يحتاج من المواطنين والنواب... إلى وقفة جادة لتصحيح الأوضاع، والسبب يرجع في الدرجة الأولى إلى سوء الإدارة؟
ومشكلة الوزير أنه وقع في تناقضات عدة خلال المقابلة، ففي الوقت الذي طالب فيه بعدم الاستعجال في الطعن بالنواب المحالة حساباتهم إلى النيابة بتهم غسيل الأموال، نراه يتهجم على أحد زملائه النواب ويتهمه بالتوسط عند لجنة المناقصات من دون دليل! ما حدا بالنائب وليد الطبطبائي إلى الرد عليه وتوضيح الحقيقة، وبأن ذهابه إلى لجنة المناقصات كان لتسليم رئيس اللجنة أحمد الكليب ملف تجاوزات بإحدى المناقصات ومطالبته بالمحافظة على المال العام، وأعتقد أن الفرق واضح بين الأمرين.
في المقابلة تهجم الراشد على المتحدثين عن الربيع العربي، واعتبر من يطرح هذه الفكرة خائنا للأمة والبلد، وأن هذه دعوة صريحة للانقلاب على الحكم، ما يدفعنا للتأسف أن الوزير لا يفهم معنى إصلاح النظام إلا بمفهوم واحد وهو إسقاط النظام، ونقول أليس في مملكة المغرب تم إصلاح النظام ولم يتم إسقاط النظام، ألم يتم في الأردن أيضا طرح بعض الإصلاحات في النظام ولم يتم إسقاط النظام؟
الوزير الراشد يعلم علم اليقين أنه ليس في الكويت مواطن واحد يدعو لتغيير حكم آل الصباح، فلماذا هذا التخوين والتحريض؟
ومن بلاوي المقابلة الحديث عن كادر النفط، والذي أقرته الحكومة بعد تهديد الموظفين بالإضراب، وإشارة الوزير إلى توفير الملايين على الدولة من خلال إقرار كادر النفط، إذ لو تم الإضراب فإن الدولة ستخسر في اليوم الواحد 100 مليون دينار، فسأله المذيع بأن هذا الرضوخ سيدفع الآخرين للمطالبة فكان رد الراشد أن الدولة ستواجه أي إضراب في أي قطاع آخر بالاستعانة برجال الجيش والشرطة!
ونقول للوزير هل معنى كلامك أننا سنرى منتسبي الجيش والشرطة يقومون بالمهام الطبية في المستوصفات والمستشفيات، وهل سيشرحون المواد في المدارس والجامعات، وهل سيحكمون في القضايا والمنازعات؟
لقد كان أسلوب الراشد استفزازياً حين تحدى مختلف القطاعات بدعوته لهم بتجربة الإضراب ليروا إن كانت الدولة سترضخ لهم أم لا؟ فكانت الإجابة سريعة من القانونيين حيث نفذوا إضرابهم يوم الأحد الماضي مباشرة بعد مقابلة الوزير، تلبية لدعوة نقابتي القانونيين والعدل، ولم يعلقوا إضرابهم إلا بعد مقابلة وكيل وزارة العدل لهم وتفهمه لمطالبهم وتعهده بتشكيل لجنة لبحثها.
لا يسعنا بعد مشاهدة المقابلة إلا الاستنتاج بأن الراشد لم يوفق سياسياً، وأن أقوى رد على كلامه سيراه اليوم من خلال الجموع الغفيرة التي ستشهدها ساحة الإرادة.
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
Twitter : @abdulaziz2002
[email protected]