نافذة الكتابة / الهروب إلى المدارس الأجنبية
1 يناير 1970
08:07 ص
| خولة القزويني |
في الواقع كلنا يأمل أن تبدأ السنة الدراسية الجديدة، وهي تحمل بعضاً من التغييرات الإيجابية، في محاولة منها لجذب الطالب وتذويب ذلك الجليد المتراكم من النفور والتأزم من المدرسة. **
فقد لاحظنا في السنوات الأخيرة ظاهرة الهروب من المدارس الحكومية إلى المدارس الأجنبية، وهذه المسألة تستحق الدراسة والبحث المستفيض لمعرفة الأسباب التي تدفع أولياء الأمور إلى هذا الاتجاه رغم العبء المادي الكبير الذي ينفق على الأبناء في هذه المدارس، وطرح المشكلة على بساط البحث من خلال عناصرها الثلاثة المتمثلة بالمعلم والمنهج وطرق التدريس آخذين بعين الاعتبار السياسات الروتينية التي تقتل همة الطالب وتثير فيه حالة الاستسلام والخضوع للواقع التعليمي كشيء مفروض عليه لا مرحلة بناء ثقافي وفكري يستحثه على الإبداع والتطور.
فقد لاحظ سوق العمل في الكويت أن مخرجات التعليم أصبحت رديئة وضعيفة، بل لا يمكنها أن تضيف إلى البلد إلا عبئاً يزيدها بطالة وركوداً، ناهيك عن ضياع الهوية والهدف، فالطالب يتخبط منذ سنوات الدراسة الأولى فلا تساعده المدرسة على توجيه مساره العلمي بما يناسب قدراته وإمكاناته الخاصة وحاجة سوق العمل مستقبلاً، ليس هناك ثمة تنسيق مسبق على ضوئه يمكن أن يخلق الدافع والحافز إلى نفس الطالب ليتطور عبر السلم التعليمي بصورة متقنة ومنظمة وموجهة حتى تثمر العملية التعليمية عبر مخرجات فاعلة معطاءة تفيد وتستفيد.
تبدأ هذه العملية منذ الصغر، إذ ينبغي محاكاة الطالب نفسه منذ مراحل التعليم الأولى واستشارة قدراته وهواياته وميوله وإمكاناته ليعرف أين يقف ومن أين ينطلق ليتعامل مع المنهج كمادة مطلوبة في حياته يعيشها في واقعه، يتفاعل معها يومياً ليختزنها في ذاكرته على الدوام عبر فهم عميق وممارسة حية، فينطلق مستقبلاً عبر إيحاء هذه المعلومات مؤمناً أشد الإيمان بما يتعلم وبما تعطيه هذه العلوم من خبرات.
فالمدارس الأجنبية قد تتفهم هذه المشكلة وتعرف عبر أساليبها المتبعة في التعليم كيف تجتذب الطالب وتفجر مكامن ميوله وإبداعاته وتوفر له الأجواء الصحية التي يستطيع من خلالها أن يتنفس ويعبر عن ذاته فيقبل على العلم بشغف ورغبة مختزنا في عقله لب العلوم والمفاهيم المتطورة الجديدة، تعتمد المدرسة بذلك على المناهج الحديثة والأساليب التعليمية المتطورة والتي تختصر المعلومات الكمية التي لا يحتملها ذهن الطالب الصغير كما تفعل المدارس الحكومية وهي تحشو عقول أبنائنا بمعلومات فائضة تهدم أكثر مما تبني لأنها تستقبل وتختزن المعلومات فتبقى في حالة خمول وركود رافضة كل ما هو جديد ومتطور يستفز نشاطها ويحرك فيها التفكير والبحث، لهذا يصل الطالب إلى الجامعة وهو يعجز عن القيام ببحث وفق أصول علمية إذ يلجأ إلى مراكز في البلد تسوق له البحث جاهزاً.
لا يمكننا أن نخوض في هذه المقارنة ما بين نظام المدارس الحكومية والمدارس الأجنبية الخاصة لأن لكل منها إيجابياته وسلبياته، لكن الشيء الذي يفترض التركيز عليه هو الطالب لأنه المحور الذي تدور حوله عناصر التعليم، وعلينا في هذا الصدد أن نتفهم الأساليب الجيدة التي يمكننا بها اجتذابه إلى المدرسة مستفيدين من تجربة المدارس الأجنبية، وواقعها التعليمي المتطور والذي يتبع النهج الحديث في تجديد عناصر التعليم ما بين طرق تدريس ومعلم ومنهج. أضف إلى هذا فهم احتياجات الطالب عبر قنوات مفتوحة قائمة على المصارحة والأخذ والعطاء لتسير العملية التربوية بسلام.
* أديبة روائية كويتية
www.khawlaalqazwini.com