تركي العازمي / خطاب الأمير وواقع الحال!

1 يناير 1970 08:12 ص
ذكر الأمير في خطابه الأخير «ان استغلال الفوائض يهدد مستقبل البلاد وأدى إلى الاختلالات الهيكلية في اقتصادنا الوطني» وطالب حفظه الله ورعاه بـ «ضرورة مراعاة أصحاب الدخول المتدنية في كل الإجراءات المقترحة وتحقيق النزاهة المطلوبة»... وأعجبتني مداخلة رئيس مجلس الأمة الخرافي في قوله «إن جزءا كبيرا من الخلل هو التأخر في القرار»!

جاء ذلك خلال افتتاح سموه أعمال اللجنة الاستشارية الاقتصادية المكونة من 30 شخصية لبحث التطورات الاقتصادية العالمية والمحلية، ونحن وبحكم بحث دراسة الدكتوراه الخاص بأهمية القيادة الجيدة والأخلاقية في تحويل اقتصاد الكويت نود بسط الحقائق التي تعاني منها الكويت.

الكويت بالفعل تعاني من تأخر اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، واتخاذ القرار من أهم صفات القيادي، والقادة الذين لا يستطيعون اتخاذ القرار، حتى وإن كان صعباً، لا يجوز استمرارهم في مناصبهم القيادية، ومعظم القرارات تؤثر في أصحاب الدخول المتدنية قبل الأثرياء وأصحاب الدخول المتوسطة: كيف؟

قرار محاسبة المتسببين في التلوث البيئي، الدمار الغذائي، التدهور الصحي، التيه الأمني، الضياع التعليمي، وكذلك المتسببين في معالجة وضع المنطقة الحرة، هيئة سوق المال، ارتفاع الأسعار... كلها بطريقة أو أخرى تؤثر في البسطاء والسبب يعود إلى تسييس القرار!

هذا التسييس يقودنا إلى ما نهى عنه سمو الأمير في جزئية «تحقيق النزاهة المطلوبة» وما قاله الخرافي، إننا أكثر خلق الله تنظيراً حيث اول لجنة اقتصادية تم تشكيلها في عام 2001 ونحن ما زلنا نشاهد وزارات بالوكالة، ووزارتين توكل لوزير سوبرمان لقياديها، وهو أمر مخالف للمنطق، فكيف بالله عليكم يستطيع وزير من متابعة أداء وزارتين في آن واحد!

إن الكويت في حاجة إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، ووضع معايير اختيار للقياديين مبنية على النزاهة والقدرة على الإبداع واتخاذ القرار.

هل يستطيع وزير ما اتخاذ قرار حاسم من دون التأني ومراجعة القيادة الخفية التي أشرنا إليها في مقال سابق؟ طبعا الإجابة بمستحيل إلا إذا كان القرار عاديا كنقل موظف أو معاقبة موظف بسيط!

كل ما يدور من حولنا يعبر عن سوء الإدارة وعقم الفكر القيادي المبني على المنهج الاستراتيجي، إننا مبدعون في الوقوف أمام «فلاشات» المصورين في افتتاح معرض، أو توقيع عقد لا يراه المواطن البسيط حتى مبنى مجلس الأمة أوقف العمل فيه!

خذوا جامعة الشدادية على سبيل المثال، تابعوا العمل في الطرق الذي يتأخر لأعوام ودول مجاورة تبني الجامعات وتنشئ طرقا وجسورا وقطارات، وقامت بعضها على تنويع موارد الدخل، ونحن ما زلنا على حال «طمام المرحوم»... فالقيادي يبقى في منصبه إلى أن تحدث معجزة، ونادراً ما تحدث، فهم كما هم لا صلة لهم بالجانب الإبداعي ولا بصفة اتخاذ القرار وصفة النزاهة «عليكم الحساب»!

أقول هذا ليس من حس تشاؤمي بل من واقع دراسة كانت نتائجها كضربة ما زلت أحاول أن أتمالك نفسي من قوة تأثيرها على جانب الأمل الذي أؤمن به أشد الإيمان من دافع إسلامي صرف!

لا يمكن الخوض في تفاصيل بحث الدكتوراه حالياً، وبعد المناقشة والتخرج سأقوم بعرضها في القريب العاجل إن شاء الله.

إننا نعاني من الواسطة والنفوذ... هذا مختصر القول، وهذان العاملان أوجدا حالة التيه القيادي الذي تسبب في ضياع النزاهة والعدالة وتكافؤ الفرص على الرغم من تأكيد الدستور الكويتي على وجوب توفرها!

نتمنى معالجة الأوضاع، ولا نريد وزارات بالوكالة، قضايا عالقة، طرق مزدحمة، أمن غير مستتب، سكن غير متوافر، صحة بمواعيد تصل إلى عامين، تعليم غير لائق. والله المستعان.





تركي العازمي

كاتب ومهندس كويتي

[email protected]