الأمثال النبوية / الهدى والعلم

1 يناير 1970 10:02 م
قال أبو الشيخ الأصبهاني: حدثنا اسحاق بن أحمد حدثنا هارون بن بشير ح وحدثنا محمد بن سهل حدثنا أبو مسعود قالا حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبدالله عن أبي بردة عن أبي موسى قال، قال رسول الله (مثل ما بعثني الله من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب الأرض فكانت منها طائفة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب قد أمسكت الماء فنفع الله به الناس فشربوا منها ورعوا وسقوا وأصابت طائفة أخرى انما هي قيعان فلا تنبت كلأ كذلك مثلي ومثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به).

اسناده صحيح وهو في الصحيحين.



الشرح:

معاني الحديث ومقصوده فهو تمثيل الهدى الذي جاء به صلى الله عليه وسلم بالغيث ومعناه أن الأرض ثلاثة أنواع وكذلك الناس فالنوع الأول من الأرض ينتفع بالمطر فيحيا بعد أن كان ميتا وينبت الكلأ فتنتفع بها الناس والدواب والزرع وغيرها وكذا النوع الأول من الناس يبلغه الهدى والعلم فيحفظه فيحيا قلبه ويعمل به ويعلمه غيره فينتفع وينفع والنوع الثاني من الأرض مالا تقبل الانتفاع في نفسها لكن فيها فائدة وهي امساك الماء لغيرها فينتفع بها الناس والدواب وكذا النوع الثاني من الناس لهم قلوب حافظة لكن ليست لهم أفهام ثاقبة ولا رسوخ لهم في العقل يستنبطون به المعاني والأحكام وليس عندهم اجتهاد في الطاعة والعمل به فهم يحفظونه حتى يأتي طالب محتاج متعطش لما عندهم من العلم أهل للنفع والانتفاع فيأخذه منهم فينتفع به فهؤلاء نفعوا بما بلغهم والنوع الثالث من الأرض السباخ التي لا تنبت ونحوها فهي لا تنتفع بالماء ولا تمسكه لينتفع بها غيرها وكذا النوع الثالث من الناس ليست لهم قلوب حافظة ولا أفهام واعية فاذا سمعوا العلم لا ينتفعون به ولا يحفظونه لنفع غيرهم والله أعلم وفي هذا الحديث أنواع من العلم منها ضرب الأمثال ومنها فضل العلم والتعليم وشدة الحث عليهما وذم الاعراض عن العلم والله أعلم.



المصادر:

(1) الأمثال في الحديث (1 / 379 ط الدار السلفية الهند سنة 1987) للامام أبي الشيخ الأصبهاني.

(2) شرح النووي لصحيح مسلم (15 / 48 ط دار التراث العربي بيروت ) للامام النووي.