د. عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / لغز
1 يناير 1970
03:25 م
ما هي أطول مسرحية...
لها فصول متعددة...
أبطالها من قرون عدة...
وكذلك مشاهدوها...
ومازالت مستمرة؟
إنها السياسة يا سادة، يقوم فيها الأبطال (الساسة)، بأدوارهم حسب النص المكتوب لا يزيدون ولا ينقصون، ويؤدون أدوراهم حسب توجيهات المخرج، منهم ممثلون أساسيون، ومنهم كمبارس، وثمة ضيوف شرف.
إنها مسرحية وحسب، هكذا اعتبرها كي لا تأتيك سكتة قلبية على حين غرة مما ترى من التناقضات، فإذا كنت تتابع السياسة كعمل مسرحي، ونص أدبي غني بمفردات (الغاية تبرر الوسيلة)، فتوقع من أبطالها أي عملٍ موغلٍ في الخسة والدناءة. في مسرح السياسة... يكتب المؤلف النص بعظام الأبرياء، ويغمس ريشته بدمائهم، وعرق جبينهم، يرسم لهم خيالات يعيشون من خلالها ويتنفسون، لكنهم يكتشفون لاحقا أنهاً لم تكن سوى (سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء)، ولم يتذكروا قول الإمام الشافعي إلا بعد فوات الأوان، عندما قال:
ولا ترْجُ السماحة من بخيل
فما في النار للظمآن ماء
خشبة مسرح السياسة هي أجساد المستضعفين، وأصحاب القنوات الفضائية المؤدلجة وملاكها هم مهندسو الإضاءة، فهم يسلطون كشافات برامجهم الحوارية، وملفاتهم الوثائقية، وأعمدتهم الصحافية، وتقاريرهم اليومية، وكل وسائط النشر الحديثة والسريعة من فيسبوك وتويتر ويوتيوب على ما يريدون إبرازه من أشياء من دون غيرها.
بقي أن نوضح أمراً مهماً، ألا وهو أن المنتجين للأعمال المسرحية السياسية هم أهل المال والاقتصاد، وهم لا ينفقون على الممثلين من جيبوهم وحساباتهم الشخصية، بل ينفقون عليهم من أموال وثورات الشعوب المقهورة!
سامحوني أيها السياسيون، لن أصدقكم، فمعظمهم ممثلون على تلك الخشبة، بعضكم محترف باقتدار، وبعضكم لا يعلم أن له دوراً يؤديه في تلك المسرحية.
د. عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter : @Dralsuraikh