تحل اليوم ذكرى وفاة شاعر الكويت المتميز فهد العسكر، الذي توفي في 15 أغسطس 1951م، وسار في جنازته ودفنه، ثلاثة أو أربعة يمنيين، ولم يكن هناك أحد من أهله أو أصدقائه القلة.
وقد عانى العسكر ألماً لفقده بصره، اثر إصابته بمرض في عينيه عام 1938، إلى أن فقده تماماً، كما عانى غربة نفسية واجتماعية، بسبب تمرده على قيم المجتمع المتخلفة، ما سبب له عزلة اجتماعية، إلا من بعض الأصدقاء القليلين، أبرزهم الأستاذ المرحوم عبدالله زكريا الأنصاري.
وكان العسكر يكتب شعراً فصيحاً قوياً إن جاز التعبير، مليء بالشكوى والعتاب والألم، ونشر العديد من أشعاره في البصرة، كما كتب أشعاراً ذات بعد قومي، وكان الفضل لعبدالله زكريا في جمع بعض أشعاره، بعد أن حرق معظمها، على اعتبار أنه فاسق ماجن.
وكنت قد قرأت الكتاب الذي أعده الأنصاري، بعنوان «فهد العسكر: حياته وشعره»، عندما كنت صغيراً بالسن، ولكنني أعترف أنني لم أشبع، فدائماً كان هناك أمر ناقص حول هذا الشاعر، سواء في حياته أو في شعره، وكنت أحاول معرفة المزيد من والدي، الذي كان يحتفظ بهذا الكتاب في مكتبته، ولكن لم أحظ سوى «بشوية» حكايات حول عيشه في فندق «بالشارع الجديد».
وعندما كنت أزور الأستاذ عبدالله زكريا الأنصاري، في مكتبه ببيته، كنت أنوي أن أسمع من هذا المصدر الموثوق والأكيد، تفصيلات أكثر، ولكنه رحمه الله كان يتوهني في أحاديثه الممتعة والغنية، إلى أن توفاه الله.
كما حاولت معرفة المزيد من حياته وشعره، من خلال متابعتي للمسلسل الذي تم انتاجه قبل سنوات، ولكن بعد مشاهدتي لبعض حلقات، لم أجد ما كنت أبحث عنه، فأدركت أن هذا الشاعر والإنسان سيظل عصياً على فهمي واستيعابي.
وبمناسبة إقامة رابطة الأدباء في الكويت، احتفالية خاصة به مساء اليوم، رأيت من المناسب أن نتذكره بصفته شاعراً فذاً، لم يحظ في حياته سوى بالألم، رغم تميزه كشاعر، عاش في زمن ليس زمنه، وبين أناس لا تقدر موهبته.
وكلنا يذكر قصيدته «كف الملام»، التي يقول فيها:
وتناهبت كبدي الشجون فمن مجيري من شجوني
وأمضني الداء العياء فمن مغيثي من معيني
ويقول في قصيدة بعنوان «وحدة عابسة»:
وا رحمتاه له فلم ير راحماً في قومه ومواسياً ومقيلا
أواه ان ذكراي ليلة أقبلت سكرى تجر على الرمال ذيولا
وفي ظني الخاص، أن هذا الشاعر لم يأخذ حقه من التقدير بعد، فيما عدا تمثال نصفي جميل، نحته الفنان التشكيلي سامي محمد، والموجود في مدرسة فهد العسكر، إن كان موجوداً حتى الآن.
وليد الرجيب
[email protected]< p>