في محراب الثقافة الكويتية

وقفة / عبدالعزيز الرشيد ... أحد الرموز الكويتية المعاصرة

1 يناير 1970 07:37 م
| كتب عبدالواحد محمد |

كتبت الثقافة الكويتية المعاصرة حروفها من ذهب بفضل مبدعيها ومؤرخيها الذين ترجموا كثيرا من الصور والقضايا الاجتماعية والعربية والعالمية لواقع عملي يؤكد قدرة العقل الكويتي على** الإبداع والتحرر من الخرافة والدجل ومسايرة العصر بوعي ومنطق منهجي ومن بين هؤلاء المجددين نصاحبكم في رحلة تاريخ!

الشيخ عبدالعزيز الرشيد... أحد رموز الثقافة الكويتية المعاصرة ويعود مولده لعام 1887 بالكويت ودرس في بغداد كما تنقل بين مصر ودول الشام والحجاز وغيرهما من البلدان الإسلامية كما أشتهر بكتابه عن «تاريخ الكويت»، والذي أجمع المؤرخون على أهميته الكبرى ومن بين هؤلاء الباحث الدكتور عباس الخصوصي، مشيرا الى إنه «مرجع أساسي ومهم لا يستطيع أي باحث من الكويت الاستغناء عنه»، واللافت للنظر أن المؤرخ عبدالعزيز الرشيد جمع بين دفتي كتابه تاريخ الكويت بكل حيادية ودقة متناهية فيها كثير من الموروثات الأصيلة للشعب الكويتي كما كانت رؤيته للتاريخ واضحة وجلية من خلال تاريخ المسلمين وما لحق بهم في مراحل الضعف والهوان. وقد أطلع المؤرخ العراقي المعروف رفائيل بطي على الكتاب فأعجب به وكتب عام 1926 ميلادي في رسالة للرشيد يقول عنه إنه «أول تاريخ للكويت نشر باللغة العربية لذلك يعد فتحا جديدا في تاريخ الجزيرة... وقد سلكت في تأليفه... سبيلا يرضاه المؤرخون العصريون.. فتبسطت في ذكر أحوال الكويتيين الاجتماعية.. وإني لأحمد فيك النزعة الحرة المتمشية بين سطورك والصرخة الأليمة التي يسمعنا إياها كبار المفكرين الغيارى مما ساد على المجتمع العربي من الخمول والانحطاط وما يتبع هاتين العاهتين من التمسك بالخرافات والشعوذات التي تميت نفس الأمة وتداخلها في خبر كان».

والمعروف أن المؤرخ الكبير الرشيد قد أنتبه في سعيه لإعداد الكتاب إلى أهمية الوثائق الرسمية، والتي وضعها الحاكم في خدمته. وكانت خير مرشد تاريخي، كما استفاد الرشيد من الوثائق الأجنبية في كتابه الذاخر بالأحداث التي تؤرخ لدولة الكويت عبر مراحل وعقود زمنية مهمة وحبلى بالتطور المعرفي والثقافي والتاريخي. ويعد الرشيد صاحب الفضل في اصدار مجلة الكويت في الفترة من عام 1928 وحتى عام 1930 ميلادي.

ونجد أن الرشيد جمع في توجهاته الفكرية والاجتماعية عدة مدارس بين سلفية محافظة جدا وإصلاحية مستنيرة فهو مع الأولى في قضية المرأة مثلا ومع الثانية في الاستعداد لتبني المعارف والعلوم الجديدة. ولهذا لم يعاد الحقائق العلمية والمخترعات الآلهية ولم يتحمس لألوان التشدد الديني.

ومن ألمعيته التي تؤكد رؤيته الثاقبة للأحداث وتفاعله معها عندما وجد الكويت نفسها محاصرة في الجهراء عام 1920 بالمخاطر الخارجية المستندة إلى التزمت الديني. تولى الرشيد مهام رجل الدين المعتدل ومفتي البلاد الواثق من نفسه ودينه والرافض للتشدد والتعصب.

ومن نافذة اخري نري قدر الرجل ومكانته كمؤرخ عندما قدمت محاضرتان حول الرشيد ألقاهما يوم 21/1/2001 في جامعة الكويت بالخالدية باحثان فاضلان ممن عرفوا ودرسوا الرجل حق المعرفة واحتفاء بمكانته ودوره الكبير...

أما المحاضرة الأولى: فهي بعنوان «ريادة الشيخ عبدالعزيز الرشيد في تدوين تاريخ الكويت للأستاذ الفاضل د يعقوب يوسف الحجي صاحب المؤلفات العديدة في مجال تاريخ الكويت عام 1933 بتصدير من رئيس المركز الدكتور عبدالله يوسف غنيم.

أما المحاضرة الثانية: فهي للأستاذ يعقوب عبدالعزيز الرشيد أبن المؤرخ وهو بجانب عمله الديبلوماسي السابق شاعر معروف كما أنه ساهم بالتعريف بتراث المرحوم الرشيد من خلال إعادة نشر كتاب تاريخ الكويت عام 1962 مع إضافات عن نهضة الكويت في الفترة اللاحقة لوفاة والده. كما بذل كل ما استطاع من جهد في سبيل إعادة نشر الطبعة الأولى من «مجلة الكويت» عندما تولت إصدارها دار قرطاس بالكويت عام 1999. إن هذا المحتوى التذكاري الصادر احتفاء بمؤرخ الكويت الكبير في هذه المناسبة التاريخية مما كان له الأثر الكبير في أختيار الكويت عاصمة للثقافة العربية لعام 2001 والجدير بالذكر أن المؤرخ العربي الكويتي عبدالعزيز الرشيد يعد علامة مضيئة في تاريخنا العربي بفضل تلك الاسهامات الجديرة بالتوقف دوما حول رجل من نجباء عصره وأمضى الفترة الأخيرة من عمره في اندونيسيا وحتى رحل عن عالمنا عام 1938 ميلادي من القرن العشرين المنصرف.



* عضو نقابة الصحافيين الالكترونيين

[email protected]