الأطباء والصيادلة والفنيون مطالبون بإرشاد الصائمين وحل مشكلاتهم مع العلاج أثناء الصوم
المريض والتعامل مع الدواء في رمضان
1 يناير 1970
09:47 م
| اعداد د. أحمد سامح |
الهيئة الطبية من اطباء وصيادلة وفنيين وتمريض يجدون انفسهم مطالبين خلال شهر رمضان المبارك بارشاد فريق من المكلفين حول اتخاذ اي قرار نهائي بشأن تناول الدواء في شهر رمضان.**
لأن اختلاف جرعة الدواء ومواعيد تناوله قد تكون سببا في انتكاسة المريض وتأخر شفائه وتعرضه لأزمات صحية طارئة.
والطبيب والصيدلي والممرض والفني تطرح عليه هذه الاسئلة وتلك التساؤلات وهذا امر طبيعي ومنطقي فهم الجهة المختصة والاكثر جدارة من غيرهم في مجالات تقييم المرض وتحديد جرعة الدواء ومواعيد تناوله خصوصا الاطباء المخولين بتغيير مواعيد تناول الدواء وتحديد مقدار جرعتها.
كذلك يتساءل الصائمون عن الادوية التي تفطر في رمضان والادوية التي يجوز استخدامها في نهار رمضان مثل الحقن والمسكنات ومضادات الألم وحقن المغص وحقن الربو والحساسية والقطرات وبخاخات الربو والقطرات في العين وبخاخات ونقط الانف والحقن الشرجية.
ولأن قطاعا كبيرا من الصائمين يعانون من مرض السكري ويعالجون بحقن الانسولين فماذا عند استخدام الانسولين ومواعيد تعاطيه والمحاذير في العلاج بالانسولين لمرضى السكري في رمضان، كل هذا سنجيب عنه بالتفصيل في هذه الدراسة.
عزيزي القارئ لقد جاء الطب الحديث ليحل مشكلة متعلقة بكيفية التطبيق العملي لأداء فريضة الصيام لاسيما ذلك الالتباس الذهني الذي يكابده على صعيد الصيام.
الطب الحديث وعلم الادوية يحل مشكلة الصائمين اثناء تناول العلاج.
فقد كانت مشكلة تناول الدواء في رمضان تسبب حيرة وقلقا للهيئة الطبية من اطباء وصيادلة وفنيين وتمريض خوفا من تأخر الشفاء او حدوث مضاعفات عند عدم تناول الادوية في مواعيدها المحددة.
وأدوية كثيرة حديثة تعطى مرة واحدة في اليوم او مرتين لعلاج كثير من الامراض كأنها اخترعت خصيصا لعلاج المرضى الصائمين.
أدوية الذبحة الصدرية
تنجم الذبحة الصدرية عن ضيق في شرايين القلب التاجية فاذا كانت اعراض الذبحة الصدرية مستقرة بتناول العلاج ولا يشكو المريض من اي ألم بالصدر فيمكنه صوم رمضان بعد مراجعة الطبيب للتأكد من امكانية تغيير مواعيد تعاطي الدواء.
ومن اشهر ادوية الذبحة مركبات النيترات مثل الايزورديل وغيره.
ويوصي الاطباء حاليا بالحفاظ على فترة تبلغ 12 - 14 ساعة ما بين الجرعتين وكأنها جعلت خصيصا للصائمين.
فقد وجد الباحثون ان اعطاء هذه الادوية كل 6 ساعات يؤدي الى فقدان مفعولها فيمكن للصائم تناولها عند الافطار والسحور.
ولا ينصح بالصيام للمرضى الذين يشكون من الذبحة الصدرية غير المستقرة او الذين يحتاجون لتناول حبوب النيتروجلسرين تمت.
أدوية ارتفاع الضغط
ارتفاع ضغط الدم يصيب 10 - 20 في المئة من الناس في العالم.
ومن ادوية ارتفاع ضغط الدم «التنورمين» ويعطى عادة مرة واحدة او مرتين في اليوم.
وتستعمل مثبطات «ايس» «ACE Inhibitors» وهي كثيرة مرة واحدة او مرتين في اليوم ويمكن اعطاؤها عند السحور وعند الافطار.
وتوجد مجموعة من الأدوية الجديدة تعطى مرة واحدة يومياً مثل الكوفرسيل والزستريل والزيستوريتك والكوزار والهزار والانهيباس والنورفسك وغيرها وينصح بأن تعطى عند السحور بانتظام.
ويجب على المصاب بارتفاع ضغط الدم الشرياني تقليل تناول المخللات والحوادق وخفض نسبة الملح في الطعام بقدر الامكان.
والحذر من تناول العرقسوس لأنه يحتوي على نسبة عالية من أملاح الصوديوم وطليعة مكونات هرمونات الكورنيكوستيرويد التي ينتج عن استمرار تناولها ارتفاع ضغط الدم.
أدوية قرحة المعدة
كثيراً ما يستطيع المصابون بقرحة المعدة المزمنة الصيام شريطة تناول الأدوية المثبطة لافراز الحامض المعدل مثل الرندتين «الزنتاك» وغيره.
وحديثاً ادوية كثيرة لعلاج القرحة الهضمية مثل «الأومييرزول» اللوسك والجزيك والريسك والتكابرون والنكسيم والبتازول تعطى مرة واحدة يومياً وتعطى عند السحور.
مسيلات الدم في رمضان
يستعمل الكثير من مرضى القلب والشرايين وأصحاب الصمامات الاصطناعية ودعامات القلب وبعض مرضى جلطات الشرايين التاجية وغيرهم ادوية تزيد من سيولة الدم.
ومن هذه الادوية «وارقرين» ودواء «بلاميكس» الحديث ويحتاج استعمال «رافرين» مراقبة مستوى سيولة الدم ويراجع هؤلاء المرضى طبيبهم بصفة مستمرة لمراقبة جرعة الدواء المناسب.
وفي رمضان يمنع الصائم عن الطعام والشراب ما قد يثير التساؤلات فيما اذا كان الصيام يزيد من لزوجة الدم وتجلطه.
وهنا لابد من استشارة الطبيب المعالج ومتابعة الحالة ومراقبة سيولة الدم مراقبة دقيقة قبل اتخاذ قرار الصيام.
أدوية الصداع «الشقيقة»
يحتاج المصابون بصداع الشقيقة عادة الى تناول الحبوب المسكنة والمخففة وأدوية علاج الشقيقة مثل الباراستيمول والبونسنتات والكفرجون والبروزاك وغيرها عند حدوث نوبة الصداع.
هؤلاء المرضى يجوز لهم الافطار وقد تستجيب حالتهم وتتحسن عند استعمال أنواع من التحاميل «لبوسات» مثل تحاميل الكفرجون والبونستان والنوفالجين والأولفن وغيرها.
وقد أفتى بعض العلماء كابن تيمية وابن حزم والقرضاوي بأن التحاميل الشرجية لا تفطر.
استخدام المضادات الحيوية
كثير ما يسمح الطبيب للمريض الذي يتناول المضادات الحيوية بالصيام فكثير من المضادات الحيوية ذات مفعول طويل على مختلف أنواعها وتعطى مرة واحدة يومياً أو كل 12 ساعة.
أدوية الروماتيزم أثناء الصوم
غالبية الأدوية المستعملة في علاج أمراض الروماتيزم نوعان:
> النوع الأول: ويسمى مضادات الالتهابات غير الكورتيزونية مثل الاسبرين والبروفين والاندوسيد والفولتارين وأمثالها.
وتختلف هذه الأدوية من حيث قوتها ومدة مفعولها في جسم الانسان ويوجد من كل هذه الأنواع ما يعطى مرة واحدة في اليوم أو مرتين «طويل المفعول».
> النوع الثاني: هي الأدوية المضادة للالتهابات الكورتيزونية ويستخدم في الكثير من الأمراض ولا يجوز استعماله دون استشارة الطبيب ويمكن تناول اقراص الكورتيزون بعد السحور والافطار.
وينبغي عدم تناول ادوية الروماتيزم والادوية المسكنة للألم بنوعيها الأول والثاني الا بأمر الطبيب واتخاذ القرار الطبي في كل حالة على حدة.
أدوية الصرع
حينما يسمح الطبيب لمريض الصرع صاحب الحالة المستقرة بالصوم لفترة طويلة ولا تهاجمه نوبات الصرع والذي يساعد الصيام على تحسن حالته النفسية فيمكن تناول دواء الصرع عند الافطار وذلك تحت اشراف ومتابعة طبيبه المعالج.
أدوية الربو والصوم
قد تكون نوبات الربو خفيفة لا تحتاج الى تناول أدوية عن طريق الفم كما يمكن اعطاء المريض اقراص الأمينوفلين طويلة المدى عند الافطار والسحور وذلك تحت اشراف الطبيب المعالج.
وكثير من مرضى الربو يحتاجون لتناول «بخاخ الربو» وهناك من العلماء من أفتى بأن هذه البخاخات لا تفطر ويمكن تناولها اثناء النهار.
كذلك توجد تحاميل لعلاج الأزمات الربوية والتي أفتى بعض العلماء بأنها لا تفطر.
الصوم وقطرة العين
قطرة العين عليها خلاف فمن العلماء من افتى انها تفطر لأنها تصل الى جوف الانسان نظرا لاتصال التجويف الانفي بالبلعوم.
ويفتي فريق آخر من العلماء بأن القطرة لا تفطر وقالوا من قطر في عينيه او اذنيه للتداوي لا يفسد صومه بذلك وهو صحيح.
لأن ذلك لا يسمى أكلا ولا شرابا لا في العرف العام ولا في لسان الشرع ولأنه لا يدخل من مدخل غير المعتاد للطعام والشراب.
ولو أخر المريض التقطير في عينيه او أذنيه الى المساء والليل ما بعد الافطار ان لم يكن في هذا التأخير ضرر على صحته وبعد استشارة طبيبه المعالج كان أحوط للخروج من الخلاف.
العلاج بالحقن أثناء الصوم
كثير من الامراض تحتاج الى العلاج بالحقن مثل الالتهابات الميكروبية التي تصيب كافة اجهزة الجسم الحلق والبلعوم والجهاز التنفسي والجهاز البولي والجلد وغيرها من الامراض التي تسببها الميكروبات والفطريات.
وأمراض اخرى عديدة تحتاج للعلاج بالحقن المسكنة للألم وارتفاع الحرارة والروماتيزم.
وحالات المغص تحتاج للعلاج بالحقن المضادة لتشجنات الامعاء وألم الكلى والصداع. كذلك بعض امراض الحساسية تحتاج العلاج بحقن الكورتيزون وقد افتى بعض علماء المسلمين على ان هذا لا يفطر لأنها ليست مواد غذائية او فيتنامينات والتي تؤخذ بهدف التقوية والمساعدة على الصيام.
العلاج بالأنسولين والصيام
أما بالنسبة للمريض الذي يتعاطى الانسولين طويل المفعول الذي يمكن الاعتماد عليه كعلاج للصائم في رمضان لأنه عند تغير موعد اعطاء هذه الحقنة فان ذلك يوفر للمريض اقل المستويات من سكر الدم في مراحل الصيام وبالتالي فانه لا يدخل في غيبوبة السكر.
وأما المريض الذي يتناول الانسولين قصير المدى فقط فلا مجال له للصيام حيث انه يحتاج الى تناول ثلاث جرعات يومية.
ويجب على مريض السكر ان يعرف علامات نوبات ارتفاع السكر ونوبات انخفاض السكر والاهتمام بمراجعة الطبيب فور احساسه بأي مشكلة صحية.
هل يجوز استخدام أدوية تحد من الشهية للمساعدة على الصوم؟
الأدوية التي تحد من الشهية للطعام كثيرة ومن ضمنها تلك الأدوية التي تحتوي على «فنيل برونالامين هيدروكلوريد» وتوجد أسماء تجارية كثيرة في الصيدليات لهذا المركب.
وهذه الادوية تعمل على الحد من الشهية لفترة قصيرة اذ يبطل مفعولها المؤثر بعد اسبوع او اسبوعين رغم استعمالها المستمر.
هذا مع الأخذ في الاعتبارات هذه الادوية معظمها يحتوي على مادة الكافيين بالاضافة الى مادة «الفنيل برولامين» الذي يعمل على ادرار كمية كبيرة من الماء ويعرض الجسم للجفاف. ويسهم الكافيين في مزيد من العصبية والتوتر.
وهذه الاضرار الصحية الجسدية والنفسية الخطيرة لاستخدام الأدوية التي تحد من الشهية الى الطعام من الناحية الطبية والصحية واضحة تماماً.
أما من الناحية الشرعية والفقهية فهي تلغي المعنى الحقيقي والهدف الأساسي من الصوم وفلسفته الذي يكون عليها الجزاء والثواب فلا يصح ولا يجوز استخدام هذه الحبوب طبياً وشرعياً.
لكن كعادة المستحدثات الطبية التي تقلب الأمور رأساً على عقب فقد أعلن بالأمس القريب عن اكتشاف حبوب تمنع الشعور بالجوع ابتكرها علماء ايطاليون لأصحاب الحميات الغذائية الذين يحاولون التخلص من السمنة والوزن الزائد عن طريق ملء فراغ المعدة وهم يقارنون مفعولها بما يشعر به من تناول صحن كبير من معجنات المعكرونة الاسباجتي.
ويتحول القرص أو الحبة الى كرة هلامية عندما يضاف الماء إليه وهو مصنوع من ألياف السيلولوز وهي قابلة للهضم والمرور عبر الجهاز الهضمي دون مشاكل.
وهذه المادة الغذائية ليست لها اضرار مركبات «فينل برولامين هيدروكلوريد» ولا تأثير مادة «الكافيين» فهي من الناحية الطبية آمنة ولا تضر الصحة.
فهل يجوز استخدام هذا الدواء المصنوع من مادة ألياف السيلولوز شرعاً بعدما ثبت انه مفيد لصحة أصحاب الوزن الزائد واصحاب السمنة؟< p>