محمد العوضي / خواطر قلم / فسوق «تويتر»!
1 يناير 1970
11:07 ص
قبل أسبوع ترجاني أحد الزملاء أن أتيح له فرصة ولو مدة قصيرة من الزمان ليُطلعني على عالم «تويتر» الذي لا أعرفه ولا يعرفني... ومن جملة ما اطلعت عليه تلك المعارك اللفظية التي تجمع بين الشراسة والبذاءة والشخصانية، ولئن كانت المعارك الأدبية القديمة بين المثقفين إذا صفاها الإنسان من التجريح فإنه يخرج منها بفوائد علمية، فإن معارك «تويتر» لا يمكن تصفيتها لأنها كومة من النفايات السامة، وأركز على (السامة) لأن العلم الحديث استطاع أن يقوم بتدوير النفايات والاستفادة منها بينما لا يمكن بأي حال استخراج أي فائدة من هذا التقاذف بالسموم والأوحال بين المتشاكسين...
لا يصح تسمية ما يحدث بالحوارات... وإنما أحقاد متراكمة تنفثها النفوس المريضة بكليمات ملوثة!
ومن أخطر هذه الصراعات تعمد الاساءة بسبب المذاهب والطوائف برموزها وأدبياتها، وتعيير المنتمين إليها بكل نقيصة ونسبتهم إلى كل رذيلة، حتى وصل الأمر إلى التعريض بالشرف الشخصي من خلال الاشارة إلى بعض أنواع الزيجات في كل مذهب.
لست مثالياً والواقع الإنساني يحوي شتى أشكال الصراعات، نعم نتفهم الطبيعة الإنسانية وأمراضها وضعفها وهوجها وظلمها... لكن عالم «تويتر» لخصائصه الكثيرة يوسع دائرة الشرخ الاجتماعي ويزيد من التأزم والخطورة، انك أحيانا لا تعرف المصدر ولا الهدف البعيد من اثارة هذه الفتن، ويزاد عجبك عندما تدرك أن بعض من سقط في هذه الفتنة أناس جاوزوا الأربعين والأدهى والأمر أنهم يضعون أسماءهم بلا أدنى خجل، والغريب أن بعضهم رمز في مؤسسة تربوية أو إعلامية أو قطب سياسي أو ديني... ولا حول ولا قوة إلا بالله.
نعم وقفت في «تويتر» على حوارات ناضجة أطلعني عليها صاحبي فيها إضافة وعمق كالحوار الذي أثاره الاستاذ أحمد الديين حول الفرق بين التقدمية والليبرالية وإن لم يخل من مداخلات بعض المشاغبين عليه، وهذا من طبيعة «التويتر» الذي أصبح الكل يتعايش معه... ليس «تويتر» هو الفاسق أو المخبول، ولكنه الإنسان الذي أصبح كما يقول «هوبز»: «الإنسان ذئب لأخيه الإنسان».
محمد العوضي