تركي العازمي / وضع الحكومة بين القيادة والإدارة!

1 يناير 1970 10:11 ص
انتهى الفصل التشريعي وأقرت الميزانيات كالمعتاد على «الطاير»، وبدأ فصل الصيف ليطل علينا بزيارة سمو رئيس مجلس الوزراء لدول مجلس التعاون الخليجي، وسيعود لنا سموه بالأخبار والاستجواب المؤجل في الانتظار واستجوابات أخرى مقبلة لا محالة... والسؤال الذي يردده الجميع هو: ما سبب انتقاد الحكومة، وهل هناك قصور قيادي وإداري تعاني منه؟

من الجانب السياسي، نجد النواب منقسمين، والوزراء مواجهون بكم من الأسئلة وغياب اتخاذ القرار الصالح من أسباب تدهور العلاقة بين السلطتين... فما السبب المؤثر والمحرك لصفة غياب القرار الصالح؟

إنهم يتداولون السياسة حسب المعطيات، وكل حقبة زمنية في حاجة إلى منظور تغييري يعالج سلبيات الحقبة الزمنية التي سبقها عام إثر عام كمنهج في العادة يتبعه القادة الجيدون، وواقع الحال يشير إلى وجود حالة من التيه في المعطيات ما تسبب في ضعف الحكومة في جانب إيجاد الحلول المناسبة للقضايا المطروحة لأنها ضمنت الأغلبية ولا تبالي بالحواجز التي خلقتها تلك الأغلبية، وهو ما وضع أصحاب القرار في حل من الواقع الذي نعيشه!

والعلاقة بين الكويت والشقيقة المملكة العربية السعودية لا يعني فتح «مركز الحماطيات» أو أي منفذ آخر، وهذا لا يعتبر من أولويات الشعب الكويتي، وأعتقد أن دورنا هنا يكمن في تنوير السواد الأعظم حول مفهوم القيادة الذي أزاحته الأغلبية المهرولة وراء مصالح ضيقة وآخر همها الكويت التي نبحث لها مكانة تنافسية بين دول المنطقة، مكانة استراتيجية، ثقافية، تجارية، ونفسية، وغير ذلك من المتطلبات الرئيسية التي تساعد الكويت في التحول إلى مركز مرموق كما كانت عليه في وقت سابق خلال عقد السبعينات!

للوصول إلى تلك المكانة نرغب في توجيه سؤال واحد ومحدد: هل تفهم الحكومة الفرق بين القيادة والإدارة؟

من منظور علمي، القيادة معنية بالرؤية التي يرسمها القائد للوضع المستقبلي المراد بلوغه ورسم الاستراتيجيات اللازمة له، والقيادة توجب توافر قدرة قوية على التأثير إيجابيا في التابعين ورص الصفوف، وكذلك القدرة على تحفيز التابعين ودعمهم ومحاسبتهم واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب!

أما الإدارة فمهمتها وضع أهداف محددة وتوفير الموارد البشرية المناسبة لتحقيق أهداف القيادة، وخلق الهياكل الإدارية التي تخدم الأهداف وتحديد المسؤوليات واحتياجات العاملين بجانب وظيفتها الأكثر حساسية وهي مسؤولية ضبط العملية التشغيلية وحل المشاكل التي تواجهها في حينها وضمان عدم تكرارها!

ما تقدم، نترك الحكم لكم، والحكومة قد ثبت فعلياً فشلها في العمل على تنفيذ المفهومين القيادي والإداري فلا رؤية مستقبلية وخطة التنمية نظرية وتعمل «على البركة» ووفق عمل مبني على ردود أفعال بعد ظهور المشاكل والفضائح، ويعد هذا الفشل سبباً رئيسياً في ارتفاع مستوى الكويت في مؤشر الفساد وتدني وضعها بين الدول في معيار الشفافية، وجل مصائبنا محصور في كيفية اختيار القياديين التنفيذيين في مؤسسات الدولة من وكيل وزارة ووكيل وزارة مساعد ومدير عام... فهؤلاء القياديون معظمهم جاء بـ «البراشوت» إسقاطا على المنصب الوزاري!

فلا عجب من طلب فتح منفذ مركز الحماطيات أو «سلق» الميزانيات حيث الأغلبية وقفت ضد المناشدات الإصلاحية وعززت التدهور الذي تعاني منه البلاد والعباد قيادياً وإدارياً ونفسياً. والله المستعان!





تركي العازمي

كاتب ومهندس كويتي

[email protected]