منى فهد العبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي / نحن أحق بالاقتحام!

1 يناير 1970 10:14 م
كثرت العوالم التكنولوجية وغيرها بالظهور، نصبح على عالم حديث ونمسي على عالم آخر أحدث، ومن طبيعة النفس البشرية حب الاكتشاف والاطلاع على كل ما هو جديد وحديث لتتعرف عليه إما أن تستحسنه وإما أن تستهجنه، وكلنا يعلم بأن إيجابيات العلوم المدنية والتكنولوجية والعلمية 90 في المئة، والسلبيات 10 في المئة، وأغلب الأنفس التي تستحسن الشيء المجهول بعد ما أصبح لها معلوما بل مكشوفا ومتعريا أمامها، تحبذ وتفضل السلبيات وتبدأ باستخدامها وترويجها وتستميت بالدفاع عنها وتكرس جُل وقتها لإقناع الآخرين أن هذه السلبيات هي أجود وأكفأ ما تحتوي عليه هذه العلوم التقنية إلى أن تصبح ثقافة خاطئة سائدة في المجتمع.

إن هذه العوالم التي اخترعت وابتكرت من شتى العلوم التكنولوجية والمدنية والعلمية لا تقتصر على فئة من دون أخرى، في رأيي يجب على كل فرد من أفراد المجتمع يطّلع على مستجدات العلوم المختلفة ويخوض فيها ويتعلمها ويتقنها ويبدأ باستخدام الإيجابيات ويذللها ويسخرها بما ينفعه وينفع الآخرين.

لا يوجد علم أو معرفة حكرا لفئة معينة، فمن أبدع وتفنن في علم من العلوم وأشهر وأذاع علمه وأصبح متداولاً بين البشر، أياً كان نوع ومجال هذا العلم،فلا نأتي ونقول هذا النوع من العلوم لا يصلح للمستقيم والمتدين والملتزم فهي تخدش استقامته فلا يقحم ويحشر نفسه بما ليس له، ونقّسم العلوم والمعارف على حسب التزام الفرد بأوامر الله واجتناب نواهيه.

وحقيقة هنا نعيشها في كثير من المجتمعات فهي لا تخفى عن عين عاقل وإن لم يتحدثوا بها فلسان حال أفراد المجتمع يترجمها ويشير إليها، إذا كانت هذه الوسيلة من وسائل التواصل الاجتماعية، أو التقنية، أو الأرجاء، لا تتناسب مع درجة التزام وتدين الشخص يقال له لا تقتحمها واتركها لمن تتناسب معه، ويبدأ الغير يفسد فيها ويخيم على السلبيات ويشهرها ويفشيها بين المستخدمين والرواد، وبعدها يصدر الحكم بأن هذه التقنية لا تصلح لفلان وتصلح لآخر، وهذا كله يرجع لعدم إدراك ووعي الشخص لفقه هذه الأمور وكيفية التعامل معها، وتنطلي عليه الأقاويل فيتخوف من استخدامها ويتركها لغيره.

وهنا نقول ونحن على يقين ان من ارتفعت أسهم تدينه والتزامه بأوامر الله واجتناب نواهيه عندما يقتحم عوالم التكنولوجية الحديثة ويستخدمها وتصبح جزءا من حياته بلا شك وريب فيه سيصلح ويرمم الخلل في هذه العوالم المتجددة والمستحدثة ويستبدل الفساد بصلاح إن وجد.

أصحيح أن كلمة (متدين) تطلق على كل من أطلق اللحى وقصر الثوب، وكل من التزمت بالحجاب الشرعي الكامل؟ بالطبع لا... لنبين ونفكك هذا الإشكال الذي يقع فيه كثير من الأشخاص، لذا لابد من تنظير وتفنيد هذه القاعدة التي سيُدت في المجتمع حتى يزول الغبش ويكشف الستار عن مفهوم ظل أعواما خلف الكواليس، ولننطلق بالتنظير والتفنيد من منطلق لغوي، متدين من دان، يدين، أي يخضع، وهنا السؤال الذي ليس فقط يطرح نفسه بل يفرض نفسه،أيصدق عاقل أن جنسا من بشر المسلمين يعيش على وجه الأرض خاضع لأوامر الله ومجتنب لنواهيه ما عاش على سطحها، أي نوع من البشر هذا؟ ذلك المعصوم من الزلل والخطأ.

ما نتفق عليه أن ارتكاب الذنوب والأخطاء من سنن الله في خلقه، فكلنا ندين ونخضع ونطيع لأوامر نتلقاها وأحيانا لا نذعن ولا نمتثل لهذه الأوامر، وذلك بحسب منزلة تدين الشخص. ولنثّبت ما قلناه بالحجة والبرهان نستشهد بحديث المصطفى معلم البشرية عليه الصلاة والسلام حينما قال «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم».

ولاكتمال البيان يبقى أن نوضح أننا لا نضيق واسعا ولا نوسع ضيقا، فكل أمر من أمور الحياة ما لم يضبط بضوابط الشريعة فهو لا يصلح للكل ليس لصنف من دون آخر، وكل ما ضُبط بحدود وضوابط الشريعة فهو يصلح للجميع من دون استثناء، لهذا نقول وبكل يقين نعم نحن أحق من غيرنا باقتحام عوالم العلوم المدنية والعلمية والتكنولوجية الحديثة.





منى فهد العبدالرزاق الوهيب

[email protected]

twitter: @mona_alwohaib