د. وائل الحساوي / نسمات / احذروا التفكير في الغيب!!

1 يناير 1970 01:31 ص
يحكى ان ملكا عنده وزير مالية وكان هذا الوزير لايرد يد احد بل يعطي بسخاء من بيت المال، وعندما جاء الوزير ليحسب ما تبقى من الميزانية وجد بأن البلد قد أوشك على الافلاس بسبب المبالغة في الانفاق، فكتب الوزير الى الملك يشتكي فيه من سوء التدبير في البلد وضياع الاموال، فرد عليه الملك بغضب: افلست البلد ثم الآن تبكي عليها؟!

يذكرني هذا الموقف بنوابنا الافاضل الذين تسابقوا على تبديد اموال البلد ثم هم اليوم يتباكون على تضخم الميزانية الذي وصل الي نحو 20 مليار دينار وهو رقم غير مسبوق، والمشكلة هي ان المجلس والحكومة يتسابقون على من يرضي المواطن اكثر من الآخر وكأنما هم يدفعون من جيوبهم لا من ميزانية الاجيال القادمة!!

عندما تقلب صفحات الجرائد او تشاهد الفضائيات يوميا لاتكاد تقرأ او تشاهد إلا الحديث عن زيادة الرواتب او اقرار الكوادر، والكل محتج حتى وان وصلت رواتبهم الى ارقام فلكية، فهذه هي طبيعة الانسان، لايكاد يشبع من طلب الخير وجمع المال، المفارقة العجيبة هي ان ميزانية الرواتب والمكافآت قد تضاعفت اربع مرات خلال احد عشر عاما، فقد كانت الميزانية 1.8 مليار دينار عام 2000، وهي اليوم تصل الى سبعة مليارات، ما يدل على ان ذلك التوجه عشوائي ولا يحكمه عقل ولا منطق.

وليت هذا التصاعد الغريب في الانفاق يقابله زيادة في الواردات او تنوع في الدخل او حتى الانتهاء من البنية التحتية للبلد، بل هي اموال ضائعة تهدر في سبيل كسب ولاء المواطنين او شراء ذمم المعارضين.

كما ان هذه الميزانية مبنية على دخل للنفط يفوق الثمانين دولارا للبرميل في ظل هذا العدد من السكان، فماذا سنفعل اذا انخفض سعر النفط كما حدث مرات عديدة وماذا سنفعل اذا تزايدت اعداد السكان - وهو امر حتمي؟!

لقد طالب النائب احمد السعدون بمعلومة بسيطة وهي مقدار الاحتياطيات المقدرة للنفط ولكن لم يأته اي جواب مثلما طالب العديد من النواب في السابق، بل ان وزير النفط يبشرنا بأن الكويت سترفع انتاجها النفطي الى اربعة ملايين برميل يوميا وهو امر يبشر بخير اذ انه يعني المزيد من تبديد ثروتنا الناضبة ومزيدا من الاسراف.

لم اسمع في حياتي كلها بمثل هذا التخبط الذي تعيشه بلادنا وانعدام التخطيط والمزايدات السياسية التي تسرق اللقمة من افواه ابنائنا واجيالنا القادمة تحت شعار «اصرف ما في الجيب واحذر ان تفكر في الغيب!!».





د. وائل الحساوي

[email protected]