حديث / الخلافات الزوجية

1 يناير 1970 02:25 م
| ابتسام السيار |

إن الناس يتزوجون لأسباب متعددة... عاطفية واجتماعية واقتصادية... وربما سياسية ايضا والكثير من الناس يقولون ان الزواج استقرار ونهاية لمتاعب وفوضى حياة الشباب، وقد يكون ذلك صحيحا... لكن هناك من الدلائل ما يؤكد ان **الزواج قد يكون البداية لمتاعب ومشكلات مختلفة... ففي بداية الزواج مهما كانت درجة التعارف بين الزوجين في فترة الخطوبة، التي تسبق الزواج فإن الأيام الاولى للانتقال إلى الحياة الزوجية ووجودهما معا لها طابع خاص، وسواء كان الزواج من النوع التقليدي من دون فترة كافية من التعارف او سبقه قصة حب عاطفية فإن وجود الزوجين وجها لوجه في مكان مغلق والتعامل بينهما في تفاصيل الحياة على مدى ساعات اليوم، وتوالي الأيام بما فيها من مواقف مختلفة... كل هذا من شأنه أن يجعل طباع وسلوكيات كل منهما مكشوفة أمام الآخر، وبالتالي تبدو الصفات الخافية في شخصية كل من الزوج والزوجة، والتي ربما حرص كل منهما الا تظهر قبل الزواج او لم تكن هناك مناسبة لظهورها، ومن الملاحظ بصفة عامة ان الفترة الأولى للزواج تشهد بعض الشد والجذب من جانب كل من الزوج والزوجة، بهدف السيطرة على الطرف الآخر وفرض أسلوب معين، وهنا قد تبدأ الخلافات حتى في فترة الزواج الأولى التي يطلق عليها «شهر عسل»، ولعل الاسباب الرئيسية للمشكلات في فترة الزواج الاولى تعود إلى... اولا التوقعات التي يحملها الشباب والفتيات والصورة التي يرسمها كل منهم في ذهنه، لما ستكون عليه الحياة الزوجية، وقد تكون هذه التوقعات والفكرة المسبقة عن الحياة الزوجية غير واقعية او تتسم بالمبالغة والخيال، وهنا تكون الصدمة حيث تحدث المواجهة مع المسؤوليات والاعباء بدلا من الاحلام الوردية، وهذا دليل على أهمية البرامج التي يتم اعدادها للمقبلين على الزواج في بعض البلدان، واهمية الاعداد النفسي والصحي لكلا الزوجين قبل الزواج، وتأثير ذلك ايجابيا على التوافق في ما بينهما بعد الزواج... ثانيا حيل الزوجات والازواج ومنها حين لا تكون الطرق المباشرة ملائمة للتعامل والحصول على ما تطلبه الزوجة من زوجها او ما يريده الزوج من زوجته، او حين يحاول أحد الزوجين تغيير أسلوب الطرف الآخر او كسب عطفه او مساندته او تأييده في موقف ما، فإن الحيلة التي يستخدم فيها الدهاء والتمثيل او الكذب يصبح الأسلوب الذي يتم اللجوء اليه كي يحصل اى من الزوجين على ما يريده، وقد تبدأ الزوجة في استخدام سلاح الأنوثة الطبيعي او تحاول السيطرة والتحكم في مشاعر الزوج عن طريق اظهار الود له والمبالغة في تدليله او تلجأ إلى البكاء والخصام من حين لآخر للضغط على الزوج، حتى يشعر بالذنب أما الزوج فإنه يحاول أيضا التحكم في مشاعر زوجته حسب المفاتيح التي تؤثر فيها من واقع معرفته لها... ثالثا استمرار الزواج الفاشل في العلاقات الزوجية قد تكون القاعدة هي الصراع المستمر بين الزوج والزوجة، وقد يصل الأمر إلى حالة من التوتر الدائم تشبه حافة الحرب التي سادت العالم أثناء الحرب الباردة، وقد يتطور الامر إلى العنف اللفظي بتبادل السب والشتائم أو العنف البدني باستخدام الضرب للقمع او التأديب، وكثيرا ما نرى بعض الازواج والزوجات في هذه الحالة الشديدة التوتر وعدم الوفاق، ورغم ذلك تستمر الحياة الزوجية وهنا قد يتساءل من يلاحظ ذلك عن السبب في الاستمرار لهذه الحالات غير الناجحة من الزواج، وقد تكون اسباب الزواج غير المتوافق اقتصادية او مادية، حيث يكون المال هو الدافع لعدم تخلي أي من الزوجين عن الآخر والمخاطرة بتحمل المتاعب المادية نتيجة ذلك او يكون السبب اجتماعيا، حيث ان المرأة مثلا قد تقبل الحياة في جحيم الزوج بدلا من مواجهة المجتمع وهي مطلقة، كما يحرص الرجل على الشكل الاجتماعي له كشخص متزوج ورب اسرة يحظى بالاحترام الاجتماعي، ومن الناحية النفسية فإن الكثير من الأزواج والزوجات يفضلون الصبر على امل او توقع ان يحدث مع الوقت تغيير في الوضع السيئ للحياة الزوجية، وتتفاوت قوة احتمال الازواج والزوجات في ظل الصبر وانتظارا لأمل قد يأتي او لا يحدث كما اننا في مجال الطب النفسي نلاحظ ان بعض حالات الزواج تستمر بحكم العادة فقط، وهنا يتم التعود على أسلوب التعامل غير السوي من جانب كلا الزوجين مع ادراك كل منهما لمساوئ الآخر، ويكون هذا الوضع أفضل من وجهة نظر كل منهما من الانفصال ومواجهة نمط اخر غير معلوم من الحياة، وقد تكون هناك احتياجات غير مرئية في بعض النواحي النفسية والعاطفية، في ما بين الزوج والزوجة لا يراها الآخرون تساعد على استمرار الزواج رغم الخلافات الحادة التي تبدو على السطح... رابعا العلاقات الزوجية السليمة، رغم ان الأصل في الزواج انه رباط دائم وبداية لتكوين الأسرة وهي وحدة بناء المجتمع فإن الابحاث تؤكد نتائج ان الحياة في ظل خلافات وصراعات زوجية لها تأثير سلبي على طرفي الزواج وعلى الأبناء أيضا وتؤدي مع الوقت إلى ظهور الاضطرابات النفسية والمشكلات السلوكية، وتؤكد نتائج بعض الأبحاث ان الانفصال بالطلاق وتواجد الأبناء مع أحد الأبوين افضل بكثير من وجودهم مع الأب والأم معا في جو من التوتر الدائم ومن هنا كانت اهمية حل المشكلات بين الازواج والزوجات قبل ان تتفاقم وتؤدي إلى نتائج وخيمة، والنصيحة الدائمة هنا هي حل الخلافات الزوجية اولا بأول لأن ذلك افضل من تركها تتعقد مع الوقت وعدم السماح لأطراف خارجية بالتدخل حتى لا يكون هناك مجال للمبالغة في الأمور البسيطة... وان الوقاية من المشكلات الزوجية المتوقعة تكون بإعداد المقبلين للزواج وتأهيلهم نفسيا لأعباء الحياة الجديدة بعيدا عن التوقعات الخيالية، فلا داعي للنظر للزواج على انه الانقاذ من الصعوبات والتعويض عن الحرمان في مراحل الحياة السابقة بل يجب الاهتمام بمهارات التعامل مع الطرف الآخر واحترام مشاعره واحتياجاته، اما العلاج فيكون عن طريق احد انواع العلاج النفسي وهو العلاج الزواجي، وفيه يتم التعرف على جذور المشكلة من الزوجين معا ووضع الاسس لحلها ولضمان العلاقة السليمة، في ما بينهما في المستقبل وهناك مراكز تقوم بتقديم خدمات أخرى هي الاستشارات الزوجية وحل المشكلات التي تسبب الخلاف بين الازواج والزوجات، ليكن تقديرنا للمواقف في ما يخص الأمور المشتركة واقعيا وموضوعيا ولنحاول دون انفعال ان نعرف وجهة نظر الطرف الاخر، ونستمع اليه ونتحاور معه ومعظم الخلافات التي تتفاقم وتسبب لنا الكثير من الازعاج، اذا حاولنا البحث عن اسبابها فسنجد انه لا أساس لها او انها بسبب تافه للغاية لا يستحق هذا السبب كل ما يحدث.





Sshaheenn@hotmail.com

@Follow Me :sshaheen9