من وحي الشارع / المرسم الحر وعودة الروح
1 يناير 1970
03:51 م
| ثريا البقصمي |
المرسم الحر، ذلك المبنى التراثي ذو الطراز الشرقي، يعتبر من المباني التراثية التاريخية المحفوظة من قبل اليونسكو، ولقد ظل لمدة زادت عن النصف قرن منبراً تشكيليا ً**، حيث تفتحت بين جدرانه وممراته وغرفه الجيرية ابداعات رواد الحركة التشكيلية في الكويت.
والمرسم الحر الذي أغلق أبوابه في بداية الألفية، بعد أن انتهت أسطورة التفرغ الفني، وتقاعد المتفرغين، ولقد خضع لترميم شامل، عاد ليفتح أبوابه من جديد، وامتلأت المراسم بالفنانين المحترفين، واحتفلوا بالافتتاح بمعرض فني لأعمال فنية أعادت للمكان روحه الفنية المفقودة.
وذات صباح خرجت من مرسمي الذي تشاركني فيه مجموعة من الفنانات، وجلست في « الحوش « أتأمل السدرة والأقواس والسماء الزرقاء، تذكرت حلمي القديم الذي صارعت من أجله لسنوات طويلة ولم يتحقق، فعندما توظفت بوزارة الإعلام في مجلة «العربي» بمنتصف الثمانينات من القرن الماضي، كان هدفي الوصول للمرسم الحر والحصول على منحة التفرغ الفني، ولمدة زادت على العشر سنوات كنت أكتب كل شهر رسالة إلى الشؤون الإدارية في الوزارة أطلب منحي التفرغ الفني، وكانت رسائلي أقرب لحصاة صغيرة حذفت في جوف بحر من الأوراق والبيروقراطية القميئة، ولم اتسلم أي يوم ردا ً منهم، وبقيت أحلم حتى أني ألـفت كتابا ً نقديا ً حول رحلة المرسم وإبداعات الفنانين تحت عنوان « المرسم الحر ورحلة 25 عاما»، وكل ذلك لم يملأ عين المسؤولين في الوزارة، وما أن دقت أول أجراس مرحلة التقاعد حتى فعلتها وفرّغت نفسي، وارتاحت الوزارة من رسائلي العنيدة.
المرسم الحر يمر بمرحلة ولادة تشكيلية جديدة، والفنانين لديهم هدف رائع، وإعادة الروح لهذا الصرح التراثي الجميل، والمجلس الوطني الذي يرعى المرسم الحر بارك خطوات الفنانين، وينظر لموضوع مشاركتهم بجدية كبيرة، وهذه فقط البداية، لكنها الخطوة الصحيحة والصائبة للتفكير من جديد بفتح باب التفرغ الفني للفنانين التشكيليين، خصوصاً أن ّ بيتهم القديم الجديد «المرسم الحر» في أبهى صورة، ومستعد لأن يعيد ذلك التاريخ المشرق لرواد أثروا الحركة التشكيلية وأجيال جديدة ستكمل المسيرة.
الفنانين الذين أخذوا مبادرة إعادة الروح «للمرسم الحر» لهم مني أجمل تحية، وحلمي تحقق حتى لو تأخر عشرون عاماً.
* كاتبة وفنانة تشكيلية
g_gallery1@hotmail.com