كويتية درسَتْ العلوم السياسية وقررت تغيير مسار حياتها

هيفاء خالد: عرفتُ قيمة نفسي بالرقص الشرقي

1 يناير 1970 09:09 ص
| كتبت سماح جمال |

أن تحب فتاة كويتية الرقص فهذا أمر قد يتقبله المجتمع إذا اقتصرت ممارستها له في منزلها بين أمها وأخواتها أو بعض القريبات في تجمعات كالأعراس أو جلساتهن،** لكن أن تحول حبها للرقص إلى مهنة تحترفها وتعلّمها لنساء أخريات فذلك أشبه بكارثة تحلّ عليها فتنهال عليها الاتهامات من كل حدب وصوب، وتصيبها سهام الشك والاتهام التي قد تطال سمعتها.

لكن الكويتية هيفاء خالد - التي تخرجت من كلية العلوم الاجتماعية بتخصص علوم سياسية وعملت بإحدى الجهات الحكومية - قررت أن توّجه دفة حياتها في الاتجاه الذي ترغب فيه وقبلت أن تتحمل التبعات المترتبة على قرارها بتعليم الرقص، فهي تعي جيدا صعوبة خيارها بأن تكون فتاة كويتية وتعلم الرقص الشرقي.

«الراي» التقت هيفاء خلال أحد الصفوف التي تعطيها وحاورتها عن هوايتها التي تحوّلت لحرفة ومدى تأثيرها عليها كفتاة كويتية.. وهذه تفاصيل اللقاء:



• كيف تعلمت الرقص؟

- تعلمتُ بنفسي وكنت لا أرقص إلا في الظلام وتحت ضوء خافت وبمكان لا توجد به مرايا، لأني لا أرغب في مشاهدة نفسي، وراقبت حركة ظلّي شيئاً فشيئاً وأصبحت أحبها، ومع مرور الوقت تقبلت شكلي.

• متى بدأت بتعليم الرقص؟

- كنت في الجامعة وقررت أن أستقلّ ماديا، وبما أنني أجيد الرقص فقررت العمل كمدربة رقص شرقي في أحد النوادي، وأتذكر يومها أنني شعرتُ بالخجل من أن أقول لصاحب النادي أنني أرغب في تعليم الرقص فقلت له سأعلم «الباليه» ووافق وعندما دخلت المدربات على الصف أخبرتهنّ بأنني أدرب الرقص الشرقي فرحبن بالفكرة.

• هل كان أهلك على علم بتعليمك للرقص؟

- لم أخجل من إخبار أهلي وصديقاتي، وفي البداية عندما أخبرت صديقاتي بالجامعة تفاجأت من ردة فعل بعضهن ومقاطعتهن لي فيما تفهمت بعضهن الفكرة.

• إذاً هل يعني أن أسرتك شجّعتك على أن تتعلمي الرقص؟

- كانت والدتي تحاول خلق بيئة جميلة لي ولأخواتي فنرقص على الموسيقى وعندما كنت أشاهد الراقصات كانت تلفتني حركاتهن، وفي الماضي كانت أماكن الرقص ترتادها الأسرة للترفيه عن نفسها.

• ثم ماذا كان موقف أهلك من تدريبك للرقص؟

- في البداية لم يتقبلوا الفكرة، وحدثت مشاكل كثيرة وحتى مسألة زواجي توقفت لكنني أعتقد أن كل شخص يأخذ نصيبه في الحياة.

• هل تعتقدين أن هناك شابا كويتيا سيقبل أن تكون زوجته مدربة رقص؟

أين المشكلة إذا كان البعض يقبل بالزواج من فتيات من «الشارع» عفواً على هذه الكلمة كما أنني لم أرتكب خطأ.

• كيف تطورين مهاراتك في الرقص؟

- بالقراءة ومشاهدة مقاطع لراقصات يقدمن فناً، وبالتأمل أيضاً.

• ألا تجدين تعارضاً بين التأمل والرقص الشرقي؟

- التأمل يساعد على التخلص من التوتر والغضب الداخلي، فعندما تريد السيدة التعبير عن حركات أنثوية يجب أن تجيد إخراجها، كما أن الرقص الشرقي البطيء يغري أكثر من السريع لما فيه من تحكم وإتقان للحركة.

• لماذا تتعلم النساء الرقص؟

- لأسباب مختلفة فبعض النساء يتعلمن الرقص لأزواجهن ولأنفسهن، لكنهن اتفقن على شيء واحد وهو رغبتهن في تعلم الأنوثة.

• هل الرقص الشرقي يحرّض على الأنوثة؟

- ليس الرقص الشرقي هو من يحرض على الأنوثة لكنه يزيدها ويضفي ثقة على الشخصية ويمنحها الهدوء الذي أعتبره نصف الأنوثة.

• ما أهم حركة تركزين على تعليمها لمتدرباتك؟

- حركات اليد لها أهمية بالغة رغم بساطتها لأنها تعطي السيدة ثقة واعتزاز بنفسها.

• وماذا عن الانتقادات التي تعرضت لها؟

- بعضها شديد إلى درجة أنني كنت أبكي من تصرفات البعض معي، فكانت هناك بعض المتدربات تتحدث بعد انتهاء الحصة مع شباب يقفون في الشارع ويتحدثن عني وعن الصفوف التي أعلمها ويُدلون بأوصافي، وعندما أخرج يبدأ الشباب بمضايقتي إلى درجة تسببت بتركي لأحد الأماكن التي عملت بها والانتقال إلى مكان آخر.

• ألم تدفعك هذه المشاكل للتفكير بترك الرقص؟

- لا، لدي هدف أرغب في تحقيقه فالرقص الشرقي أعتبره مسؤولية وعندما أعلم الفتيات الرقص أحرص على إفهامهن معنى الحركات، فلا أريد أن أضيع جهد 9 سنوات وأرغب في أن يتقبل الناس الرقص فهو ليس أمرا مبتذلا بل فن راق.

• هل فكرت في تعليم الرجال الرقص الشرقي؟

- عرض علي أحد الفنادق في الكويت أن أدرّب رجالاً على الرقص الشرقي، لكنني رفضتُ لأن هؤلاء الرجال كانوا «شواذاً»، كما أن قناعتي بأن الرقص الشرقي من اختصاص المرأة ولا يشاركها فيه الرجل، لأنه يغلب عليه الطابع الأنثوي.

• ألا تخشين - عند نشر هذا اللقاء أن يقال إنك تنشرين «الرذيلة» في مجتمع متدين؟

- لو كنت أرغب في نشر ما يدعيه البعض لما أعطيت هذه الدروس بأماكن ونواد عامة ومرخص لها، كما أنه لديّ متدربات متدينات وبعضهن يعملن كحفظة للقرآن.

• وهل يمكن أن تأتي حافظة قرآن لتعلم الرقص؟

- نعم، بل وأزواجهن متدينون ويطلبن منهن أن يرقصن لكن المشكلة الوحيدة التي تواجههن هي الموسيقى فلا يستطعن الرقص عليها، وهنا يأتي دوري بتعليمهن مواطن الأنوثة لديها ونقاط القوة لأن غايتي الرقص وليس الموسيقى.

• ما قصة الرجال الذين يتصلون لتسجيل بناتهن في صفوفك؟

- هناك رجال يتصلون ويسجلون بناتهن أو زوجاتهن، ويتأكدون من أن الصف كله فتيات، وبعضهم يحضر بنفسه ليتأكد من سير الأمور بطريقة صحيحة، إلى جانب المعلومات التي يستفسرونها عني.

• ما نسبة الكويتيات اللاتي يسجلن في صفوفك؟

- 99 في المئة من المتدربات كويتيات خصوصا في الاستديو الخاص بي، أما في المعاهد والنوادي الصحية التي أدرب فيها فالنسبة الأكبر للأجانب.

• هل حديثك عن مواضيع تتعلق بالأنوثة تجبرك على التطرق إلى مواضيع جنسية؟

- الأمر مرتبط بالحاضرات، فلو كن متزوجات أتحدث معهن بانفتاح أكبر خاصة أن الكثير من المتزوجات لديهن بعض المشاكل.

• ماذا أعطاك الرقص؟

- عرفت قيمة نفسي بعد أن تعلمت الرقص الشرقي، فهناك مرحلة في حياتي كنت أعاني فيها من سمنة مفرطة تخللتها تعليقات من المحيطين بي بعبارات قاسية عني، جعلتني أعتقد أنه ما كان يجب أن أولد إلى درجة أنني كنت أعتبر أن خروجي لمشاهدة الحياة والاستمتاع ليس من حقي.

• ألا تخافين من أن تطالك دعوات بسحب جنسيتك؟

- لا.. لأنني لم أفعل شيئاً.