منى فهد العبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي / الرمز (أيمن) للمعادلات البشرية

1 يناير 1970 10:14 م
لقد اعتدنا في العمليات والمسائل والمعادلات الرياضية والحسابية أن نرمز للأرقام والمجاميع والأشياء، وغير ذلك، بالرموز (ص - س - ع...) وغيرها من رموز، لذا سأرمز إلى موازين المعادلات والمعاملات البشرية بالرمز (أيمن) ليس إلا لاشتماله على معانٍ عدة في اللغة العربية منها: أبرك، أخير، خير، وأيمن بمعنى التيامن، والتيامن من الآداب الشرعية التي ورثناها من معلم البشر الرسول الأكرم عليه أفضل الصلاة والتسليم، وما جعلنا نرمز للمعاملات البشرية بالرمز (أيمن) ذلك الشخص الذي لطالما تعاملنا معه في مواقف عدة ومن أعوام طوال، وفي كل تعامل نكتشف فيه من الصفات الممدوحة ما لم نجدها في غيره، فلقد ملّكه الله سبحانه وتعالى خصائص وشمائل نادراً ما نجدها في شخص يعيش في عصرنا الحالي.

نحن لا نزكي أحداً على الله ولكننا كبشر تعلمنا وتعودنا الحكم على الأشياء بظاهرها ولا نعلم ونرى ما بمضمونها وداخلها، فما هو جلي وأبلج وليس مستتر نحكم عليه وفق معايير الآداب والأخلاق البشرية المستقاة من الشريعة الإسلامية، وحتى لا نبخس أحداً حقه ونكون منصفين في إصدار الأحكام على الغير، ولا نكيل الأمور بمكيالين، من كان له حق علينا وجب علينا منحه وإعطاؤه حقه بأي وسيلة من وسائل أداء الحقوق للغير.

لكل شيء في الحياة ميزان، وهنا نتحدث عن الموازين البشرية التي يزن فيها الإنسان العناصر الأساسية التي تُسير حياته وترسم له التضاريس وتوضح وتبين له المنهج القويم للمنظومة الحياتية لتكوين منهاج ونظم لميزان المعاملات البشرية، أن القلب والعقل عنصران أساسيان في التعاملات البشرية ولا يستطيع أحدهما أن يلغي الآخر، وحتى لا يختل الميزان وترجح كفة من دون الأخرى علينا بفلترة وغربلة مشاعرنا تجاه الآخرين بتمريرها على العقل.

بين حرف الألف وحرف الياء باللغة العربية ستٌة وعشرين حرفاً، فكما تقاربا بالرمز أيمن، فاجعل مشاعرك وعقلك يتقاربان في علاقتك مع الآخرين بحيث يتشاركان في اتخاذ أساليب وطرق تنظم وتنمق خطوات ارتباطك بالآخرين وكيفية التعامل معهم، فلنحذر كل الحذر من أن نجعل هوانا وأمزجتنا هي من توجه مشاعرنا تجاه الأطراف الأخرى، لا نجعل السذاجة والتهاون بأحد مكونات الشخصية للإنسان معيارا ومقياسا لتوجيه بوصلة المعادلات والمعاملات البشرية.

كل منا يملك عقلا حصيفا مزودا بغذاء المعرفة وقلب يحمل كتلة من المشاعر والأحاسيس عليه أن يتخذ سبيل التوافق والانسجام ما بين العقل والعاطفة التي يحملها القلب ليصدر منه سلوك قولي أو فعلي متوافق ومتوائم مع حاله وحتى لا يشعر بذلك الانفصال والانفصام الروحي الذي يكون نتاجه خللا أبين وأفصح ما بين العقل والقلب فيعسر ويصعب حل المعادلة البشرية أحياناً، لا أحد منا يستطيع أن يتبرأ من فطرته وجبلته التي خلق عليها، ولا ندعي الكمال فكل منا يتقلد ويحمل من العيوب والنقيصة ما لا يعلمه إلا الله، لهذا نتوخى الحيطة من إفساد المعاملات والمعادلات البشرية بالتعالي والاستكبار والتمرد والتعسف ببتر العلاقة ما بين العقل والمشاعر ونفقد صمام الأمان الذي يقينا من الوقوع والسقوط بمثالب ورذائل المعاملات البشرية التي تجلب لنا المتاعب والمصاعب في اتخاذ القرار الصائب السديد تجاه الآخرين، إن كنت من الثلة التي تلغي أحد العنصرين ومن دون تمرير المشاعر على العقل من أجل إرضاء الآخرين فعليك أن تستبدل وتراجع قسمات طرائق تفكيرك، بالطريقة المثلى والتي تعينك على إيجاد الحلول البسيطة والسلسة لحل المعادلات البشرية من دون وصب وعناء وسكب مشاعر للمستحق وغير المستحق.

فمن كان (أيمن) لم ولن يكون إلا (أيمن) بكل ما يحمل هذا الاسم القسيم من معانٍ وفيرة غزيرة جزيلة تربط بين النسيجين العقلي والعاطفي ارتباط وثيق وراسخ لحل المعادلات البشرية بالطريقة البسيطة التي تحفظ كيان كلا الطرفين من دون إيذاء وإيلام للطرف الآخر.



منى فهد عبدالرزاق الوهيب

[email protected]

twitter: @mona_alwohaib