ممدوح إسماعيل / لماذا عادت صحف الدنمارك... إلى محاولة الإساءة؟

1 يناير 1970 06:04 ص

في مطلع شهر فبراير أعلنت السلطات في الدنمارك القبض على مجموعة من الشباب المسلم، وأعلنت أن معلوماتها تقول إنهم كانوا يخططون لقتل رسام الكاريكاتير الذي نشر الرسوم المسيئة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم). ثم كان لافتاً أنها أفرجت عنهم بعد يومين، ولكن فجأة ظهرت 17 صحيفة دنماركية، وفيها الرسوم التي فيها محاولة الإساءة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وانتفض العالم الإسلامي الذي نسي تلك الإساءة التي نشرت منذ نحو عامين.

ولكن نشر تلك الرسوم يدفعنا إلى التساؤل بهدوء وتعقل: لماذا عادت الصحف للنشر، ولماذا اتحدت 17 صحيفة؟

الإجابة من الدنمارك تقول إن ذلك رد على ما أعلن عن محاولة الاغتيال لرسام الكاريكاتير، ولكنها إجابة تفضحهم، لأن السلطات الدنماركية أفرجت عمن قبض عليهم سريعاً لعدم وجود دليل مطلقاً. لذلك يبقى لنا نحن أن نجيب عن نشر تلك الرسوم التي فيها محاولة الإساءة للنبي الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) وإجابتنا كالآتي:

ـ واضح جداً أن النشر مخطط له بعناية جداً، فاتفاق 17 صحيفة لا ينعقد بين لحظة وضحاها، خصوصاً في مجتمع مادي لا تحكمه إلا المصالح.

ـ القبض على مجموعة قبل نشر الرسوم المسيئة واتهامها بالتفكير في اغتيال رسام الكاريكاتير هو بمثابة قنبلة دخان تم إطلاقها للتغطية على النشر مسبقاً.

ـ نتوقف عند نقطتين: الأولى أن الشركات الدنماركية عانت من المقاطعة التي تمت منذ نحو عامين لمنتجاتها، ولكنها أفلحت في الالتفاف على المقاطعة، وحصلت على فتاوى بأنه لا شأن لها بالرسوم. والثانية أنه اجتمع علماء المسلمين على رفض الحوار مع الدنمارك إلا بعد الاعتذار، ورفضوا الاعتذار واستطاعوا شق صف المسلمين وجذبوا بعضهم للحوار وسافروا إلى الدنمارك وفشل إجماع علماء المسلمين.

الشاهد من النقطتين السابقتين أنهم جربوا رد فعل العالم الإسلامي، ونجحوا في شق صفه في أخطر وأهم قضية يتعرض إليها المسلمون في حياتهم، ألا وهي شخص رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، لذلك هم يستهينون برد الفعل ولا يلقون له بالاً.

ـ لا تفوتنا الإشارة إلى التوقيت فقد تزامن النشر مع حصار غزة الذي نجح إعلامياً في تسويق القضية الفلسطينية، فهل كان النشر بمثابة فتح جبهة بعيدة لجذب الانتباه، بعيداً عن غزة. نعم ممكن في ظل العلاقة القوية للدنمارك بالولايات المتحدة والعدو الصهيوني، فهي مشاركة بقوات عسكرية مع الولايات المتحدة الأميركية في احتلال العراق وأفغانستان.

ـ يتزامن النشر أيضاً مع  حملة أوروبية تنتقد الإسلام دعت وزارة الخارجية المصرية إلى أن تنتقد تلك الحملة الموجهة من بعض السياسيين الأوروبيين ضد الإسلام.

ـ واضح جداً من تعمد النشر بهذا العدد من الصحف الذي لم يحدث في المرة السابقة أن فيه قصداً ومخططاً واضحاً لمحاولة كسر وشرخ هيبة وقداسة مكانة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفتح الباب بشدة للتجرؤ على شخصه ومكانته، ودفع الآخرين للاقتداء بهم في مخطط مدروس وراءه من يموله وينظمه، مستغلين حال الضعف للعالم الإسلامي.

ـ تعمد النشر بهذه الطريقة يوضح لنا أنهم درسوا جيداً رد فعل الأنظمة الإسلامية والهيئات الإسلامية التي اكتفت بالمؤتمرات وبيانات الشجب ولم تخطط لعمل منظم مدروس، وبالتالي نحن بعد هذا النشر في انتظار أعمال أكثر سفالة تتناول شخص رسول الله بالإساءة والنيل من مكانته عبر أفلام وما شابه، فقد فتحت صحف الدنمارك باب محاولة الإساءة هذه المرة بقوة ولم تجد الرد الذي يوقفها.

وأخيراً الموقف خطير. صحيح أنهم مهما فعلوا فلن يستطيعوا النيل من عظمة ومكانة نبينا الحبيب (صلى الله عليه وسلم)، لكننا مكلفون باتباعنا له بالرد على كل محاولة للإساءة لشخصه ومكانته، فوجب أن تنتبه الأمة وتفوق من غفلتها وتسارع بعمل مدروس دعوي وقانوني ودولي تتخذ فيه كل ما تستطيع من سبل وآليات لوقف تلك المحاولات المتعمدة للنيل من رسول الله (صلى الله عليه وسلم).  


ممدوح إسماعيل


محام وكاتب مصري

[email protected]