عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / 5 / 6 / 67

1 يناير 1970 04:51 م
نكس ينتكس انتكاساً، كانت هذه هي حالة العرب والمسلمين، حينما حلت بهم نكسة 67، والتي سقطت بعدها القدس وبقية فلسطين والجولان في أيدي الصهاينة، كانت ليلة الخامس من يونيو عام 67 هي الليلة التي بدأ بها هجوم الطيران الصهيوني على المطارات العسكرية المصرية، والتي نتج عنها تدمير أقوى سلاح في المعركة وهو سلاح الطيران، هذا الهجوم الذي كان من أسباب حسم المعركة لصالح الصهاينة، وبرغم شعارات البطولة والنصر التي كان يرفعها العبد الخاسر عبدالناصر، إلا أن الحقيقة تكشفت من خلال تلك النكسة.

لقد كانت الهزيمة للعرب مستحقة بلا شك، فأمة استبدلت شعارات (الله أكبر) لتحل محلها شعارات القومية والشيوعية كيف تنتصر، أمة وهي تواجه عدوها كانت تسهر ليلة الهجوم على أغاني (هل رأى الحب سكارى مثلنا) وكان ضباطها يتعاطون الخمور ويتراقصون مع الغانيات بدلا من التقرب إلى الله والتضرع إليه كيف تغلب، أمة سجن زعيم ثورتها الدعاة والمصلحين، وقام بإعدام رجل رباني ومفكر إسلامي، خطت يمينه أشرف علم وهو تفسير كتاب الله، وهو الشهيد بإذن الله سيد قطب رحمه الله، فكيف لها أن تنتصر؟

إن تلك النكسة وبرغم شدة وقع خبرها على الأمة العربية والإسلامية، إلا أنها حملت معها العديد من الفوائد والمنح التي استفادت منها الأمة بعد ذلك، فلقد علم العرب أن لا فوز ولا انتصار على اليهود إلا بعد الرجوع إلى الله تعالى، وقد بدا ذلك واضحاً بعد النكسة بانتشار المد الإسلامي وانحسار الفكر الشيوعي والذي أتى ثماره في حرب 73، حينما تم عبور خط بارليف تحت صيحات الله أكبر.

من الأمور التي ينبغي الإيمان بها أن قضية صراع العرب والمسلمين مع الصهاينة ستكون نهايته الغلبة للمسلمين وذلك لأسباب عدة، أولها، أن الرسول عليه الصلاة والسلام بشر المسلمين بهذا النصر حين أخبر بأن المسلمين سيقاتلون اليهود حتى يفر اليهودي ويختبئ وراء الحجر والشجر، فينطق الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعالى فاقتله، وهذه الكرامة لن تتحقق حتى يكون المسلمون أهلاً لهذا النصر، والذي يبدأ بصدق العودة إلى الله.

الأمر الثاني، أن هناك حقائق علمية ومنها أن كل مخالف لطبيعة الأشياء التي طبعها الله عليه لا يمكن له أن يدوم، فهل ترون أن من الطبيعي أن تعيش دولة صغيرة قائمة على الباطل وعلى سرقة الأرض وطرد أهلها، وإن ملكت القوة العسكرية، أن تعيش في محيط تعداده أكثر من مليار مسلم، وأنها ستبقى فيه إلى الأبد؟

ومن الشواهد على أن اليهود سيرحلون إن آجلاً أم عاجلاً، هو التاريخ والذي يشهد على طرد المحتل من البلاد المستعمرة طال الزمن أم قصر، فلقد طرد الصليبيون من القدس وقد بقيت تحت احتلالهم قرابة 90 عاماً، وطرد الروس من أفغانستان، وطرد البرتغاليون من أنغولا، برغم بقاء احتلالهم 500 عام.

ومن أهم الدلالات التي تبشر بغد مشرق للأمة في صراعها مع الصهاينة، هي تلك الثورات التي تجتاح البلاد العربية بم يسمى بالربيع العربي، وهو فعلاً ربيع فعندما تتخلص من أنظمة الظلم والطغيان، وتحل بدلاً منها الحرية والمشاركة الشعبية، فكيف لا يكون ذلك ربيعاً، إن الأمة اليوم تقطف ثمار هذه الثورات، أليس من ثمارها المصالحة الفلسطينية، وهي ركن أساسي على طريق التحرير، أليس من خيراتها فتح معبر رفح وبشكل كامل، ليخفف معاناة حصار دام أكثر من أربعة أعوام عانى ويلاته أكثر من مليون ونصف المليون إنسان.

إن فرحة الأمة ستكتمل بسقوط أنظمة القمع كما في سورية وليبيا واليمن، وستختار الشعوب من يرفع شعار مقاومة المحتل صدقاً لا زيفاً، ولن يملك الصهاينة ومن يقف وراءهم إلا الرضوخ لذلك السيل الهادر، والذي ينطلق تحت شعارات التوحيد، مع بذل للأسباب «والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون».

إن الحرب بيننا وبين الصهاينة سجال، والأيام دول، وكما أن الدنيا ليل ونهار، والأرض صعود جبل وهبوط سهل، إلا أن العبرة بالنهاية، والأمور بالخواتيم، ولن تكون إلا لصالح المسلمين بإذن الله.



عبدالعزيز صباح الفضلي

كاتب كويتي

[email protected]