الكويت ليست بمعزل عن الوطن العربي الذي يشهد تغيرات سريعة في وتيرة الأحدث، والشعب الكويتي كغيره سئم وهو يطالب بالإصلاح، أما مقولة ان الشعب الكويتي شعب لين، فقد قابلها أن الشعب المصري شعب قنوع، والشعب السوري يعيش بين الحديد والنار، ومع ذلك فقد ثارا. ليبيا واليمن محكومان بالسلاح ولم يهابا. كل هذه الشعوب قدمت أبناءها قرابين للحرية والكرامة.
صحيح أن المنعطفات الضخمة التي يمر فيها الإقليم العربي مختلفة نوعاً ما عن الكويت، باعتبار أننا راضون كل الرضا عن نظامنا الحاكم كأسرة وحكم، ولكن ليس بالضرورة أن ينسحب هذا الرضا على أسلوب الحكم المتمثل في إدارة الحكومة، ولا يمكن أن ينفي هذا الرضا تأثير وانعكاس تلك الأحداث العربية علينا.
الشعوب دائماً ما تبدأ بالمطالبة بإصلاحات دستورية تشريعية اقتصادية اجتماعية... وغير ذلك، فإن تجاهلتها أنظمة الحكم، انتقلت هذه الشعوب من مرحلة المطالبات إلى مرحلة المظاهرات والاعتصامات والعصيان المدني فالثورات.
في الكويت لا نثور أبداً في وجه حكامنا وأسرة الحكم كحكام، بل ندعو دائماً وأبداً إلى استقرارهم ونعمد على معاونتهم ضد كل من تسول له نفسه إيقاع أي مكروه بهم، ونكون لهم درعاً في الشدائد، ولكننا بالمقابل نثور غضباً ضد حكومتنا التي صدتنا وهجرتنا وعلمتنا ثقافة إغلاق قبة البرلمان والخروج إلى الشارع، وثقافة السفر وإهمال إدارة البلد، وثقافة تأجيل الاستجوابات، وثقافة تأخير تشكيل الحكومة، وثقافة فرق تسد، وثقافة تقليص رقابة النواب، وثقافة التحجج في اللجوء إلى القضاء، وثقافة إقحام المقام السامي في كل صغيرة وكبيرة، وثقافة الفشل والخزي على كل الأصعدة حتى أوصلتنا إلى ثقافة اللا ثقافة!
في أكثر من مناسبة كررت أنا لست مع الذهاب إلى الشارع في كل صغيرة وكبيرة، ولست أبرر كل مظاهرة واعتصام، ولست مع كل شاب مندفع اعتاد الخروج واعياً أو مغرراً به، ولست مع كل نائب أو سياسي لديه متعة المايكروفون ومتعة التصفيق، فقط أقول لنجعل الشارع وسيلة لتحقيق غاية عجزنا عن تحقيقها تحت قبة البرلمان، ومادامت الحكومة تُحاول إفشال كل مسعى إصلاحي للنواب، فلتتحمل إذن اللجوء إلى الشارع، ومع ذلك فعلى النواب عدم اللجوء إلى الشارع إلا في القضايا الكبرى، لأن كثرة الاستعانة بالشارع في كل قضية سوف تضعف ردة الفعل الحكومية والشعبية تجاه تلك القضايا.
د. مرضي العياش
[email protected]