مبارك مزيد المعوشرجي / ولي رأي / عالجوهم ولا تحاكموهم

1 يناير 1970 07:59 ص
كتربوي لم أقبل بالحلول القاسية والعقوبات التي طالب بها البعض على التلاميذ الذين أساءوا لسيدنا عمر وأمنا عائشة رضي الله عنهما على جدران مدرسة ومسجد في محافظة مبارك الكبير، فمن رأيي أنهم كانوا ضحية لدجال حاقد وهم ليسوا مجرمين، وأول خطوات العلاج أن يقوم أخصائي نفسي واجتماعي بزيارة ذويهم لمعرفة هذا الشخص أو هذه الجهة التي غررت بهم ووضعت بأذهانهم هذه الصورة السيئة لأمهات المؤمنين وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وإبعادهم عنها، فمن غرر بهم هم المجرمون المستحقون للعقاب، ثم يرسل هؤلاء التلاميذ إلى مشايخ اشتهروا بالسماحة والصدق والبعد عن التعصب الطائفي ليتلوا عليهم هذه الآيات من المصحف الكريم الذي تعهد الله بحفظه وقبلت به أمة محمد أجمعين.

قال تعالى «وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير (الحديد 10). وقال «لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِين إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً» (الفتح- 18) وقال «محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود» (الحجرات- 29). وقال «وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (النور- 22) صدق الله العظيم.

هذه أوصاف آل الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام. أما زوجته عائشة التي عاش معها ومات على ساعدها ودفن في دارها، وبرأها الله بقرآن كريم يتلى إلى يوم القيامة، وباقي زوجاته أجمعين، إذ يقول الله سبحانه وتعالى فيهن «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم» (الأحزاب- 6) وقال تعالى «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم» (النور 26).

فهل يرضى المؤمنون أن توصف أمهاتهم بسوء أو يرضى الله أن تكون زوجات رسوله من الخبيثات؟ أما العلاقة بين عمر وعلي رضي الله عنهما فليقل لهم هؤلاء المشايخ ما يلي: لقد عرف علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه صاحب النسب من رسولنا الكريم والمعروف بالشجاعة وهو من نام في فراش النبي ليلة الهجرة صبياً، وكان أول فدائي في الإسلام، وقتل أِشجع فرسان العرب عمر بن ود في معركة بدر، وحمل باب الحصن يوم فتح خيبر، فكيف لمن هذه صفاته وشجاعته أن يقبل بتزويج ابنته من فاطمة الزهراء عليها السلام السيدة أم كلثوم عليها السلام من سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهم لو كان يشك لحظة بأن عمر كان سبباً بوفاة فاطمة عليها السلام، وإن قبل فهل تقبل أم كلثوم عليها السلام أن تعيش معه فترة طويلة وتنجب له زيداً ورقية عليهما رضوان الله وتبقى على ذمته حتى استشهد على يد الملعون أبو لؤلؤة المجوسي، أما الحديث عن معاقبة هؤلاء التلاميذ أو سجنهم فستخرج لنا نسخاً مكررة لذاك الهارب من العدالة الذي يتقرب إلى ربه بالطعن بعرض النبي ويشكك في مروءته وشجاعته، ويشتم بعض آله وزوجاته وأصهاره وأصحابه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول «ليس المؤمن باللعان ولا الطعان ولا الفاحش ولا البذيء».



مبارك مزيد المعوشرجي

[email protected]

mailto:[email protected]