قرى مصرية / تعتمد في رزقها على تراث وتاريخ الأجداد
«قراموص» قرية البردي... 90 في المئة من سكانها يزرعونه ويصنعون أوراقه
1 يناير 1970
06:19 م
| القاهرة ـ من أحمد عبدالعظيم |
في زيارات «الراي» لقرى المحروسة المنتجة وتتوقف هذه المرة عند... قرية «قراموص» التابعة لمحافظة الشرقية «80 كيلو مترا شرق القاهرة»، وتعتبر القرية الوحيدة في مصر التي يعتمد نحو 90 في المئة من سكانها في رزقهم على تراث وتاريخ الأجداد، حيث يقومون بزراعة نبات البردي وتصنيعه وبيعه للبازارات والأماكن السياحية.
وبحسب روايات أهل القرية لـ «الراي»: لم تكن القرية قبل ما يزيد على 30 عاما تعرف شيئا عن البردي ولم يفكر أحد في زراعته، ويرجع الفضل في انتشار زراعته وصناعته الى أحد أبناء القرية ويدعى «انس مصطفى»، ويعمل فنانا تشكيليا.
شاهد الفنان البردي مزروعا في مكان ما بالقاهرة، وفكر في زراعته، ولم يكن يتوقع ان يكون مجديا خاصة عندما فوجئ بان الطلب عليه في زيادة مستمرة، نظرا لكونه سلعة سياحية رائجة، وبدأ التوسع في زراعته بل وانشأ ورشة لتصنيعه حتى انتشرت في القرية كلها ونادرا ما تجد منزلا بالقرية لا يعمل أفراده في البردي، لانها مهنة مربحة وأحيانا تتم الاستعانة بفتيات من خارج الأسرة للعمل.
عبدالعاطي محمد ـ أحد مزارعي وصانعي البردي بالقرية ـ قال: تصنيع البردي يحتاج الى التعامل لفترة طويلة مع الماء وهو ما كان سببا في ان معظم مراحل التصنيع تقوم بها الفتيات، خصوصا ان ذلك يتطلب أيضا الوقوف لفترة طويلة وهو ما يرفضه الشباب.
وأضاف: البردي بعد حصده من الحقول، يتم تقطيعه الى أعواد وشرائح بأطوال مختلفة، بعد ذلك يتم غمره في الماء المملوء بالبوتاس لفترة ثم الماء المضاف اليه الكلور لتنظيفه من أي شوائب عالقة.
ويواصل: ولان الشرائح مختلفة الأطوال، ترص فوق بعضها بمقاسات وأحجام مختلفة على ألواح الكارتون والأقمشة لامتصاص الماء وحتى لا تلتصق مع بعضها لانها توضع أسفل مكبس لضغط شرائح البردي مع بعضها لتكون ورقة واحدة متماسكة بعد ان تجف تماما.
وفي ما يتعلق بمرحلة الرسم والتلوين، في البداية كان يتم تصنيع البردي فقط ويباع بعدها - أحيانا عن طريق وسطاء - للأماكن السياحية والبازارات، وفي وقت ما فطن أهل القرية الى ان رسم شخصيات فرعونية وتلوينها على الأوراق أفضل خصوصاً انه يرفع سعرها من 50 قرشا سادة... الى جنيه ونصف الجنيه ملونة.
وأغلب الرسومات والمناظر عادة ما تكون مستوحاة من الحضارة الفرعونية، خصوصاً ان الأهالي هنا يدركون ان البردي تراث من الحضارة المصرية القديمة وهو ما يعجب معظم الزبائن، ما يرفع الطلب عليها ويدفع السائحين للاقبال على شرائها.
وأشار وجيه عبدالله - أحد الاهالي - الى ميزة مهمة ترتبت على زراعة وتصنيع البردي والمتمثلة في ان الدخل المرتفع الناتج عنها كان بديلا عن السفر للخارج بحثا عن الرزق، ويقول: «بدل ما نسافر ونتبهدل بره اشتغلنا في البردي أحسن لان فلوسه حلوة والحمد لله كتيرة».
وأضاف: نقص الأيدي العاملة من أبرز الأزمات التي تعترض دفع العديد من المزارعين الى مشاركة أسرهم في تلك الصناعة خصوصاً انها غير مرهقة ولا توجد صعوبة في تعلمها.
وأوضح ان القرية بها أكثر من 1500 ورشة صغيرة منتشرة بالمنازل لتصنيع البردي تنتج يوميا أكثر من طن من الورق البردي ، كما ان المساحة المنزرعة تصل الى 150 فدانا تقريبا.
< p>